الاثنين، 16 سبتمبر 2024

من سجلِّ التاريخ: "آت ابو الصديق" عائلة جمعت العلم والصلاح والجهاد

 

"آت ابو الصديق"

عائلة جمعت العلم والصلاح والجهاد


    في محراب المسجد وصومعته، وحلقات العلم، وفصول المدارس، وقراطيس الكتب، ومكاتب الادارة، وميادين الرياضة، نجد لهم حضور بارز، وصولات وجولات متميزة، وبصمات خالدة، تناقلتها الأجيال، وحفظتها الأسفار..

    هم اليوم مدارس وأساتذة نتعلم منهم ومن خبراتهم وتجاربهم، أعمالهم وإنجازاتهم كانت إضافات تراكمية في بناء حضارتنا الوطنية والاجتماعية.

    وهم أصلاء عائلات "رْﭬِـيـﭫْ الصَاﭪْ" الغرداوية وأصبحت في بلدتنا بريان تعرف "أبو الصديق" تيمُّنا وتبرُّكا وافتخارا وتشرُّفا بالصحابي الجليل "أبو بكر الصديق"، وإليه وصل أو أوصلوا نسبهم.

    ونحن في هذه الفقرات لن نستطيع عدَّ أعلام هذه العائلة المتميِّزة علما وصلاحا، فضلا عن ذكر مناقبهم وأعمالهم؛ وكم جميل واللهِ أن يُجمع تاريخُ هذه الأسرة الكبيرة بين دفَّتي كتابٍ يحفظ هذا المجد، ويقدِّمه ناصعا صحيحا لأبنائها، وقدواتٍ مثاليةٍ ومراجعَ رشيدة للأجيال الحاضرة والقادمة، وما أسهلَ ذلك على مثقفي العائلة اليوم وهم كُثر ولله الحمد.

    لهذا نكتفي اليوم بذكر أهمِّ الشخصيات في العائلة، لنثبت أدوارها الخالدة في هذا الوطن الجميل، ونُظهرَ تنوُّع التخصصات والأنشطة المتكاملة فيها.

فنذكر منهم على سبيل المثال: ...


v  باحمد بن الحاج بكير بن الحاج سعيد أبو الصدِّيق: (1883-1973م)، انضمَّ إلى حلقة العزَّابة سنة 1944م بدعوة منها، حيث عُيِّنَ فيها موذِّنا بصدح بنداء الله "حيَّ على الصلاة-حيَّ على الفلاح"، ساهم سنة 1946م في الجمعية العامَّة لتأسيس "جمعية الفتح" بصفة رسمية وإضفاء اسم "الفتح" عليها؛ اكتسب الرزق والقوت الحلال بالتجارة في أكثر من مكان إل
ى أن استقر به الحال في مدينة السوﭬـر بولاية تيارت فأسَّس فيها سنة 1933م عتبة تجارية باركها الله واشترهرت بــــ "حانوت الشوكة" وغدت مدرسة خرَّت تجَّارا أكفَّاء.

v  الحاج عومر بن باسعيد بن الحاج سعيد أبو الصدِّيق: (1907-2000م)، شيخ وقور، حافظ لكتاب الله تعالى، عضو في حلقة العزَّابة من سنة 1964م إلى وفاته، تولَّى شعيرة الأذان والدعوة إلى إقامة الصلاة إلى أن منعه الكِبَر والعجر عن اعتلاء المأذنة.

رفض التجنيد الاجباري في الجيش الفرنسي الاستعماري تورُّعا أن يُدفع إلى قتال إخوانه المسلمين في المستعمرات الفرنسية خاصَّة، وسعى كالمجاهد في سبيل الله إلى الكسب الحلال بالتجارة في الموادِّ الغذائية في مدينة السوﭬـر بولاية تيارت بــ "حانوت الشوكة".

v  أيوب بن عمر بن باسعيد أبو الصدِّيق، (1948-2013م)، المعلِّم الذي كاد أن يكون رسولا، الذي علَّم أنْفُسًا وعقولاً، وربَّى الأجيال تلو الأجيال حتَّى غدوا ألسنة تلهجُ بفضله، وتبدي له المبرَّة والإحسان في كلِّ مناسبة. واعتلى المنابر واعظا مرشدا وداعيا إلى الله في محراب مسجد "كاف حمُّودة" بمسقط رأسه بدروس دعوية وخطب الجمعة، ومنابر الأفراح والأتراح في بلدته وعشيرته.

v  بكير بن باحمد بن الحاج بكير أبو الصدِّيق: (1940-2018م)، هو الرجل السياسي المحنَّك في العائلة، والمناضل الحزبي المحنَّك، ارتقى درجاته عبر حزب جبهة التحرير الوطني حتَّى أصبح الرئيس الأوَّل المنتخَب لأوَّل بلدية منتخبة بعد الاستقلال؛ وقبلها كان ضمن الأفواج الوطنية الأولى التي تولَّت التعليم في مدارس الجزائر بعد الاستقلال.

وقد اكتسب كلَّ هذه الكفاءة والخبرة في اللغة العربية والفرنسية، وفي النضال السياسي، خلال سنوات تعلُّمه في تونس بصفة خاصَّة، ومن خلال انخراطه في صفوف اتِّحاد الطلبة الجزائريين بتونس.

وبفضل ثقافته الواسعة المزدوجة في كان أوَّل مدير جزائري للمدرسة الابتدائية في مدينة بريان سنة 1971م، وظلَّ مرابطا في الثغور الوطنية ومرابطا من أجل بناء الجزائر المستقلَّة الحديثة، إلى فرض عليه المرضُ السفر إلى خارج الوطن للعلاج.

v  باسعيد بن الحاج سعيد بن بكير أبو الصدِّيق: (1890-1976م)، رجل قد تصدُق فيه كلمة "مغامر"، يحمل في أعماقه مبدأ الجهاد في سبيل الله صدقٍ، ما جعله ينتقل إلى ليبيا للمشاركة في الجهاد ضدَّ الاستعمار الإيطالي، فكان تحت راية الشيخ سليمان باشا الباروني، وكان إمام الصلوات الخمس في جيشه.


وهو حافظ لكتاب الله، يحمل نصيبا معتبرا من العلوم، ما جعله يهوى ويعشق اقتناء الكتب من كلِّ بلدٍ يحلُّ به، ومن خلال تتبُّع تركات العلماء، فينكبُّ على قراءتها وتهميشها؛ وتنقَّل إلى العديد من البلدان والأقطار، كتركيا، والشام، ومصر، وليبيا، وتونس.

    وفي ميادين الرياضة، والتربية، والتعليم، والدعوة، والطبِّ، والإدارة، وق أدركنا من العائلة رجالا صالحين مصلحين، يشار إليهم بالبنان كلٌّ في تخصُّصه وميدانه، وما زالوا في ميادينهم مرابطون، ومثابرون، يناضلون بكلِّ صدقٍ وإخلاصٍ من أجل خير وصلاح بلدتنا العزيزة ومنطقتنا التي تسع الجزائريِّين كلَّهم.

    فمن هؤلاء -لنقول للمحسن أحسنتَ- نذكر النَصَمات (الأيقونات) الأحياء بيننا، أمثال:

v  الأستاذ إبراهيم بن باحمد أبو الصديق.

v  الأستاذ حمُّو بن باحمد أبو الصدِّيق.

v  المهندس علي بن حمُّو أبو الصدِّق.

v  الدكتور عبد الحميد بن حمُّو أبو الصدِّيق.

v  الأستاذ الناصر بن أيُّوب أبو الصديق.

    فنلاحظ ممَّا ذكرنا من أساطين العائلة "آت أبو الصديق" أنَّهُم قد توارثوا مواهب العلم والذكاء، وعِرق الاستقامة والصلاح، وقيَمَ الإسلام والإصلاح والوطنية أبًا عن جدٍّ.

    وبمثل هذه العائلات، أزداد يقينا أنَّ "العرقُ دسَّاسٌ"

    فاللهَ تعالى نسأله أن يَمدَّ الخير في هذه العائلة الكبيرة ما دامت الأرضُ والسموات. آمين.

بقلم: يوسف بن يحي الواهج

بريان: 17 سبتمبر 2024م

هناك تعليقان (2):

  1. بارك الله فيك أستاذ يوسف فعلا هي عائلة عريقة عائلة مباركة عائلة سدت كل الثغرات خدمة للدين و الوطن و المجتمع رحم الله سابقيهم رحمة واسعة شاملة كاملة و بارك للاحقين الذين لا يزالون يواصلون أداء رسالتهم و القيام بواجباتهم بارك الله لهم في العمر و الصحة و العقل آمين آمين آمين والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا

    ردحذف
  2. بارك الله فيك أستاذنا الكريم على هذه النبءة الكبيرة والشاملة لأعلام أبوالصديق ولقد وفيت وجزيت .مشكور وبارك الله فيك وجعل الله البركة في عمرك
    .........الناصر ابوالصديق

    ردحذف