الأحد، 14 يناير 2018

رد إلى الأستاذ: عبد الحميد بن ولهة

رد إلى الأستاذ: عبد الحميد بن ولهة

الجزائر: 14 جانفي 2018م

    فضيلة الأستاذ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    قرأتُ لكَ على صفحتك في الفيسبوك بضعةَ أسطر كتبتَها عن احتفال الأمازيغ بالسنة الأمازيغية، فصدمَني ما جاء فيها من مغالطات، واستغلال خاطئ للمعلومات، واستفزاز ببعض الكلمات.
    وهذا ما دفعنِي إلى الردِّ على كلماتك في هذه الأسطر، رغم ضيق الوقت عندي، ولكن الالحاح النفسي على فكري وقلمي رأيتُ أنَّه من الواجب عليَّ أن أسجِّل ما تبادرَ إلى ذهني أثناء قراءة أسطركَ تلكَ، إحقاقا للحقِّ وتصويبا للمغالطات الواردة فيه، وتنبيها عن الظلم الذي سلَّطتَه على الأمازيغ وبعض الرموز الوطنية والدينية والإنسانية، فأبدأ بالمغالطات التي جاءت في مقالكَ القصير، فأقول:

1-             قلتَ في بداية المقال: -"إنَّ 13 يناير وليس 12 يناير كما رسِّم خطأ بالجزائر"-.
إذا كان كلُّ أمازيغ الجزائر والمغرب وتونس ليبيا يريدون أن يكون عيدهم ذلك يوم: 12 جانفي بناء على تقويمهم للنظام الشمسي الذي يلائم ظروفهم المناخية والطبيعية، وتريده أنتَ أن يكون لهم يوم 13 جانفي بناء على تقويم الرومان للنظام الشمسي.

فالأمازيغ يريدون لأنفسهم الأصالة والاستقلالية والحرِّية كاسمهم (أمازيغ أحرار) بينما تريده لهم تقليدا للرومان وتبعيَّة لهم. (ربَّما لضعف شخصيتك، أو شكِّكَ في الأصالة العريقة للشعب الجزائري).

2-             وقلتَ بعد ذلك: -".. يعتبر في الحقيقة مناسبة رومانية قديمة وليس بربرية بالمرَّة – برأس السنة الفلاحية"-.
إذا كنتَ تقصد أنَّ السنة الأمازيغية مناسبة رومانية لقِدَمِ الرومان في التاريخ الإنساني، فاعلم أنَّ الأمازيغ معاصِرون للرومان وأنداد لهم في الوجود، وفي القوَّة، وفي الحضارة.
والسنة الفلاحية تعتمد على التقويم الشمسي الموحَّد عالميًّا، لأنَّ الشمس في أفريقيا، هي نفس الشمس في أوروبا، كما هي نفس الشمس في كلِّ العالم، أو الكون. فإن اختلفَ الأمازيغُ مع الرومان في تحديد بداية السنة الفلاحية بيوم أو يومين، أو حتَّى اثني عشر أيَّام كما ذكرتَ في مقالك، فهو راجع إلى اختلاف المناخ والظروف الطبيعية بين القارَّتين. فافهم رجاء.
فمن الطبيعيِّ إذن أن يختلف الاحتفال برأس السنة الفلاحية عند الأمازيغ والرومان، وحتَّى عند الشعوب الأخرى من القارات المترامية على سطح الكرة الأرضية، لأنَّ الأمر قد قام على أسسٍ علمية عند وبعد استقراء الأحوال الطبيعية والمناخية في كلِّ منطقة.
3-             قلتَ أيضا: -"يناير هي التسمية الرومانية الأصلية لشهر جانفي"-.
إنَّك يا أستاذ تُناقضُ نفسكَ في نفس الفقرة، بل في نفس السطر، حيث تقول بعد ذلك مباشرة: -"حيث كان الرومان يسمُّونه (منسوس جانوس)"- فلاحظ الفرقَ الكبيرَ بين (يناير) و(منسوس جانوس)، فلا يوجد أيُّ حرفٍ مشتركٍ بين الاسمين، فمن أين لك أنَّه يعني بالعربية: (شهر يناير). وإن شئت ذلك إصرارا وإلحاحا، فهو من قبيل (السكَّر) في العربيَّة، و(sucre) في الفرنسية، و(sugar) في الإنجليزية، حتَّى لا أقول (شكسبير) في الإنجليزية يعني: (الشيخ الزبير) بالعربية.

    أمَّا ما جاء منك في المقال من قدح وذمٍّ وتجهيل -ولو بطريقة غير مباشرة- في حق رموزنا الوطنية والدينية بصفة خاصَّة، فهي قولكَ في نهاية المقال: -"وبقيت آثارها لحدِّ اليوم يتداولها بعض المغفَّلين ويحتفلون بها ظنَّا منهم بأنَّها من أعيادهم!!!."- وهو ما يمكن أن يُعتبرَ سبًّا وقذفا وإهانة في حقِّ الكثير من رموزنا الوطنية والدينية والإنسانية.

01-        أليست عبارتُكَ تلكَ قدح وذمٌّ وتجهيل في حقِّ فخامة رئيس الجمهورية السيِّد: عبد العزيز بوتفليقة (حفظه الله) عندما احتفل بالسنة الأمازيغية، فرسَّم عيدها يوما وطنيا، وعطلة مدفوعة الأجر.
فهل رئيس الجمهورية من المغفَّلين؟؟!!

02-        أليست عبارتُكَ تلك قدح وذمٌّ وتجهيل في حقِّ الرعيل الأوَّل من جبهة التحرير الوطني، الذين اختاروا الاحتفال بالاستقلال يوم 05 جويلية 1962م، الذي هو اليوم المؤلم في تاريخ الجزائر ليجعلوا منه يوم فرحٍ وسعادة، بينما كان يوم الاستقلال الحقيقي يوم قال الشعبُ كلمته في 03 جويلية 1962م.
فهل قادة الثورة التحريرية كانوا مغفَّلين؟؟؟!!!

03-        أليست عبارتُكَ تلك قدح وذمٌّ وتجهيل في حقِّ عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عندما اختار وقرَّر الفاتح من شهر محرَّم بدايةً التأريخ الإسلامي على أنَّها تؤرِّخُ لهجرة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، بينما كانت هجرة الرسول إلى المدينة في شهر ربيع الأوَّل.
فهل سيِّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه من المغفَّلين؟؟؟!!!

04-        أليست عبارتُكَ تلك قدح وذمٌّ وتجهيل في حقِّ سيِّد الخلقِ، سيِّدنا محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم عندما احتفل بيوم عاشوراء فصامه وأمر بصومه، عندما وجد اليهود يحتفلون به، وقال: "نحن أولى بموسى منهم".
فهل كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من المغفَّلين؟؟؟!!!
أم هو من السارقين؟؟
لمـــَّا سرق عيد عاشوراء من اليهود كما عبَّر في منشور آخر على صفحتك إيَّاها، واعتبرت أنَّ الأمازيغ سرقوا ينَّاير من الرومان!!

05-        أليست عبارتُكَ تلك قدح وذمٌّ وتجهيل في حقِّ المسيحيين الذين يعتبرون أنَّ المسيح عليه السلام قد ولدَ يوم 25 ديسمبر، بينما هم يحتفلون كما العلم كلُّه برأس السنة الغريغورية وسمَّوها السنة الميلادية 01 جانفي.
فهل المسيحيُّون من المغفَّلين؟؟؟!!! أو من السارقين؟؟؟!!!
لمـــَّا سرقوا عيد رأس السنة الغريغورية، أم ركبوا الموجة كما ركب المزابيون (القوم) الموجة البربرية حسب تعبيرك في منشور أخر على صفحتك إِيَّاها.
    فبوصفكَ لهؤلاء بالمغفَّلين، قد وصفتَ الإنسانية كلَّها بهذا الوصف، حتَّى سيِّد الخلق عليه السلام، والفاروق عمر بن الخطاب، ورئيس الجمهورية، والكثير من بني جلدتك. كأنَّك العاقل والعالم والنبيه الوحيد في هذا العالم.
    ختاما، كنتُ أتمنَّى أن أجد من الوقت ما يكفي لكتابة ردٍّ شامل لكلِّ سطرٍ من سطورك، معزَّزٍ بمعلومات أكثر، محالةٍ إلى مصادرها ومراجعها؛ ولكن خذ من الجدعِ ما أعطاك اليوم، فعسانا نلتقي في قراءات وردود أخرى حول مواضيع مختلفة من كتاباتك القيِّمة.

                                                              تحيَّات أخيكم في الله ونظيركم في الإنسانية

                                                                          يوسف بن يحي الواهج

هناك تعليقان (2):

  1. والله قد أسرفت كثيرا حين لقبت هذا الشخص الفتان (بشهادة القاصي والداني حتى والي الولاية)بالأستاذ، وثانيا ضيعت وقتك الثمين حين خصصت له ردا على طُرهاته وتخاريفه

    ردحذف
    الردود
    1. والله كلمة أستاذ خسارة عليه

      حذف