الأربعاء، 3 أبريل 2024

شخصيات: الخفيُّ الظاهر مصطفى بن يونس خنّ

 

الخفيُّ الظاهر

مصطفى بن يونس خنّ


    رجل قيِّمٌ على بيتِ الله تعالى أكثر من قِوامته وقيامه على أهل بيته، ويخدم ضيوفَ الرحمن أحسن وأفضل، من ضيوف بيته؛ إنَّه السيِّد الفاضل: مصطفى بن يونس خنّْ حفظه الله.

   هو القيِّم القوَّام على "مسجد بابا السعد" بالمدخل الشمالي لمدينة بريان العامرة في ولاية غرداية، ويساعده في هذه المهمَّة الهامَّة، العظيمة عِظم دورها، وإنَّها والله لكبيرة إلاَّ على المخلِصين، قلتُ: يساعده في ذلك السيِّدان الفاضلان:

-      سليمان بن الحاج سعيد الطالب باحمد.

-      عمر بن باحمد لمعشَّت.

    فكانا للأخ مصطفى كاليد اليمنى واليسرى للإنسان.

    ويدفعني اليوم إلى الكتابة عن السيِّد مصطفى، الحالُ الجميل للمسجد، والشعورُ السعيد الذي ينتاب الداخلَ إليه من اللحظة الأولى لولوجه، والنظرة الأولى من عينيه على جوانبه، والإستنشاقة الأولى التي يجذبها من خياشيمه.

    فالوافد إلى المسجد تشدُّه النظافة التي يتميَّز بها المسجد من الباب إلى المحراب، وتعجبه حسن فُرُشه وحسن ترتيبها، ووضوح إضاءته الكاملة، وطيب ريحه المتميِّز بالبخور المحلِّي أحيانا (لَبخُور – أَسُوُّوُ)، وبخور العود الذي يذكِّر المصلِّي بعطر الحرمين الشريفين.


    اضطررتُ يوما إلى تجديد وضوئي للصلاة وقصدتُ الميضأة، فانبهرتُ والله لنظافة رخامه حتَّى حسبتُه لجَّة، وتذكَّرتُ ملكة سبإ "بلقيس" وقرأت قوله تعالى: ﴿قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

    وبكلِّ صدق، كلَّما دخلتُ هذا المسجد "مسجد بابا السعد" تغمرني سعادة كبيرة لا يقدِّرها حديث، ولا تصفها كلمات، ولا تصوِّرها عبارات، وأتساءل في نفسي، تُرى من يكون وراء هذا الحرص، والجهد، في خدمة بيت الله تعالى؛ فأجد الجواب أمام ناظريَّ في شخص السيِّد الكريم، "صديقي مصطفى الخنّ"، وهو محاط بساعِدَيه المساعدَين المخلصَين له وللمسجد والمجتمع، "سليمان الطالب باحمد"، و"عمر لمعشَّتْ".

    فوجدتُ من باب واجب "القول لمن أحسنَ أحسنتَ"، وواجب "الاعتراف بالفضل لأهل الفضل"، أن أقدِّم لجمهور مديتنا بريان، ولزوَّار المسجد من عابري السبيل الذين يشهدون ويصرِّحون بتميُّز هذا المسجد وجماله وموقعه؛ قلت: من الواجب أن أقدِّم لكلِّ هؤلاء الرجلَ الخفيَّ وراء كلِّ هذه الفضائل والمشاهد. إنَّـه:

    "مصطفى بن يونس بن امحمَّد بن يونس خنّ". أو (الخنَّ) كما ننطقها غالبا، أنجبته وربَّته السيِّدة الفاضلة: "نانَّة بنت محمَّد بن قاسم الطالب باحمد".

    وُلد في يوم الخميس 02 جانفي 1969م، بمدينة بريان، ولاية غرداية الجزائر، وفيها نشأ وتربَّى وترعرع في أحضان أسرة كريمة صالحة نشاشبية عريقة، وكلُّنا يعرف معنى التربية النشاشبية المتميِّزة. وفيها دَرَس وتلقَّى دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية بكلٍّ من مدرسة الفتح القرآنية، ومدرسة النخيل الابتدائية، ومتوسِّطة حيِّ المداغ وثانويته، ومنها إلى مركز التكوين المهني حيث تلقَّى تكوينا في حرفة البناء إلى أن تخرَّج بشهادة الكفاءة في المهنة سنة 1989م.

    وفي سنة 1990م، دخل ميدان العمل في تخصُّص البناء بإقبالٍ وتفاؤلٍ وحزمٍ وحرصٍ لكسبِ قوته وقوت أسرته وعياله بالطرق الشرعية الحلال إلى سنة 1995م؛ فانتقل إلى مدينة السوﭬـر بولاية تيارت للعمل في التجارة بمحلٍّ عريق في المدينة عُرفَ دائما بـــ: "حَنوت الشوكة" المتخصِّص في الموادِّ الغذائية، للعائلة الكبيرة المجيدة: أبو الصدِّيق، حيث اشتغل مع التاجر الخبير الراحل: الحاج يحي الونيت (رحمه الله)، والتاجر المجتهد النشط: إبراهيم بن باحمد كاسي موسى (حفظه الله)، فتعلَّم منهما وممَّن زامله في المتجر من شركاء وعمَّالٍ ما شاء الله أن يتعلَّمه.

    وفي سنة 2003م، عاد إلى مسقط رأسه واشتغل في البناء كما سبق، ولكن الحجارة، والاسمنت، والرملَ، والحصى، أتعبته وأنهكته وتأثَّرت صحَّته، فأراد أن يخفِّف عن نفسه حرصا على نفسه وإبعادا لها عن التهلكة، فبدأ التخفيفَ من الجهد في البناء شيئا فشيئا، إلى أن استقرَّ بها الحال في خدمة المسجد وضيوف الرحمن فيه ابتداء من سنة 2009م على يومنا هذا.

    ونعم ما اختار تتويجا لمساره المهنيِّ، فقد أخذ سببا من عهد الله تعالى لسيِّدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ، فطوبى له على العهد، والنهج، والأجر، والثواب، من خدمته للطائفين والعاكفين والركَّع السجود.

    فحقَّ له اليوم، ولمن معه من المجاهدين رجال الخفاء، (سليمان وعمر)، أن يقول، ويقولا معه ما دعا به أبونا إبراهيم عليه السلام: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ

    هذه كلمات قليلة، وشهادة صادقة، في حقِّ من وهب نفسه وصحَّته وعمره لخدمة المسجد وزوَّاره، والمجتمع وكلِّ أفراده.

    وبالمناسبة، أريدُ أن أبلِّغَ جمهور المسجد وسكَّان الحيِّ، أنَّ القيِّم ينزعج من الحركة المفرطة للأطفال الصغار حديثي البلوغ خاصَّة، هذه الحركة التي تتحوَّل إلى شغب وهرجٍ يزعج المصلِّين والمرابطين بين الصلوات في المسجد، فهو يرجو ويرجو أن يحرص الأولياء على تربية أبنائهم ويعلَّموهم آداب المسجد ومعاملة واحترام روَّاده ومن يكبرهم في السنِّ.

    ولا أنسى دوره وحضوره الكبيرين في الجانب الاجتماعي على منصَّات عديدة، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، مرافقة العرسان (أَوَزَّرْ) ومساعدة أصحاب العرس، بالهندام المشرِّف للعرس أمام المدعوِّين والضيوف، وبالنصيحة الصادقة للشابِّ العريس المقبل على الحياة الجديدة، وبالخدمات التي يقدِّمها خلال أيَّام العرس بإخلاص وتفانٍ.

    إنَّ "مصطفى"، صديق عزيز عليَّ، وتربطني به صداقة وعلاقة عمَّرت قُرابة الثلاثة عقود، وقد وجدتُه دائما، متفائلا، مبتسما، بشوشا، متعاونا، صاحب فكاهة جميلة، وفذلكة تُدخل الفرحة والبسط والسرور، فيكون بذلك زينة المجالس.

حفظه الله وجزاه عن المسجد وروَّاده وزوَّاره، والمجتمع كلِّه خير الجزاء. آمين

بقلم: يوسف بن يحي الواهج

بريان: 03 أفريل 2024م

هناك 3 تعليقات:

  1. شهادة حق على هذا المجاهد مصطفى خن
    تقبل الله منه جهاده خدمة للمسجد والمصلين
    بارك الله فيك أستاذ يوسف على هته الالتفاتة

    ردحذف
  2. أنسان أجتماعي بشوش مع كل أفراد العائلة أنه أبن خالي ج يونس بن أمحمد و رجل ميدان في كل الميادين و خاصة نداء ألي ،أتويزه،سلام

    ردحذف
  3. ربي يحفضك ولد خالتي مجاهد من المجاهدين.اللهم اجعلها في ميزان حسناتكم يارب

    ردحذف