الرياضي المغمور: داود بن أمحمَّد "داويدا"
والرياضة المنسية
وهَذا ما
دفعني اليوم لكتابة هذه الفقرات عن الرجل الرياضي المتميِّز، لعلَّها تُجلي بعض
الران عن شخصيته وتعرِّفه لأبنائنا، وتحيي فيهم هواية الرياضة الجميلة المنسية،
وقد يكون هذا الموضوع سببا في فتح ملف الرياضة والشباب في بلدة بريان الرائدة في
هذا المجال.
v أمَّا الرياضة:
فهي "رياضة الدرَّاجات الهوائية"،
ذات الفوائد الكثيرة للصحَّة البدنية للرياضيِّ نفسِه، على مستوى القلب، والأوعية
الدمويَّة، والرئتين، ولياقة الجسم وتحسين تناسقه، وغيرها من الفوائد التي لا
تحصى.
v أمَّا الرياضي المتميِّز: الذي أنا بصدد الحديث عنه، فهو:
السيِّد الفاضل: داود بن أمحمَّد أولاد داود1 "دَاوِيدَا" (رحمه الله)، ولد في سنة 1905م، بمدينة بريان في ولاية غرداية بوادي مزاب جنوب الجزائر.
اشتغل في التجارة بالجزائر العاصمة لسنوات عديدة، تولَّى خلالها مهمَّة الاشهار التجاري لبضائع المحلِّ الذي كان يشتغل فيه، وقام بالمهمَّة أحسن قيام بأسلوب إبداعي بقي خالدا في ذاكرة كلِّ من أدركه وعرفه وعاشره.
واشتغل بعد
ذلك حلاَّقا في مسقط رأسه بريان، ثمَّ في العاصمة الفرنسية باريس، وكان يتقن حرفته
بشكل عصريٍّ وجيِّد، جعل شباب ذلك الزمن يؤمُّون محلَّه طلبا لحلاقة تستجيب
لأذواقهم المعاصرة المفتقَدة في البلدة آنذاك.
وكان (رحمه
الله) يهوى "رياضة الدراجات الهوائية" إلى حدِّ الولع بها، ويتقن
أحكامها وأسرارها، هوايةً، ورياضةً، ومسابقاتٍ، ومن ولعه بها يذكر بعضُ معاشريه أنَّه
انتقل (مرَّة أو مرَّاتٍ) بدرَّاجته من العاصمة إلى مسقط رأسه بريان، وشارك في
مسابقةِ (أو مسابقاتِ) هذه الرياضة أكثر من مرَّة.
وهذا ما دفعت
الجمعية الرياضية "جمعية شباب بريان الرياضي"2 التي تأسَّست في سنة 1945م، لتعيِّنه مسؤولا
على هذه الرياضة الجميلة، وكان رفيقه في المهمَّة تلك السيِّد الفاضل: باحمد بن
صالح ختَّال3 (رحمه الله).
وقد أدركته
وهو يعتلي درَّاجته الهوائية الرياضية، التي كان شكلها نادرا بالنسبة إلينا نحن
الأطفال، فكنَّا نعجب للدرَّاجة، ونعجب أكثر للرجل المسنِّ وهو راكب الدرَّاجة
الرياضية.
كما أدركتُه
وعرفتُه بشكل جيِّد منذ طفولتي إلى سنوات السبعينيات من القرن الماضي، عرفته في
بيته بحكم العلاقة والقرابة الأسرية التي تجمعنا، وعرفتُه خلال سنوات تقاعدِه
بعمارته للمسجد، خاصَّة في شهر رمضان المبارك، حيث كان يرافق مجلس تلاوة القرآن
الكريم كامل ليالي رمضان إلى صلاة الصبح مع الجماعة.
وكنت أتعجَّب
من نظام حياته اليومية، في بيته التقليدي الذي كان يضمُّ أكثر من أسرةٍ من عائلة
آل أولاد داود، وهو البيت الذي يُعرَف بــــ: "بَكِيرَات"
الموجود في وسط المدينة، فقد كان يعيش عند تقاعده بنظامٍ خاصٍّ به، بجلوسه الطويل في
غرفته بين أغراضه الجميلة، واستماعه الدائم للمذياع، وملابسه الرياضية الجيِّدة
عند ممارسته رياضتَه المفضَّلة (الدرَّاجة الهوائية)، وإن نسيتُ فلن أنسى -وإن طال
بي العهد- طريقته في حفظ البطيخ الأصفر وتخزينه في فصل الصيف ليستهلكه في أواخر
فصل الخريف وبحر فصل الشتاء، وذلك أن يربطه بخيط متين بطريقة رباعية ويعلِّقه في
سقف البيت ويتدلَّى منه في الهواء؛ طريقة لم أرها إلاَّ عنده رحمه الله.
يتميَّز رحمه بخفَّة الروح، والحيويَّة، والنشاط، والتواضع، وصفاء الطويَّة، وبساطة العيش.
بقلم: يوسف بن يحي الواهج
الجزائر العاصمة: 27 نوفمبر 2023م
هوامش:
1- أرجو من القرَّاء إفادتنا بما يعرفونه عن هذه
الشخصية، من تاريخ الميلاد، وتاريخ الوفاة، وبعض التفاصيل الأخرى حول حياته
ومراحلها. إضافة إلى بعض الصور المتعلٍّقة به وبرياضته بصفة خاصَّة.
2- هي أول جمعية رياضية تأسَّست في وادي مزاب، من
سنة 1945م إلى سنة 1954م.
3- باحمد بن صالح، ابن ختَّال. لقبا، ولد خلال
سنة 1922م، وتوفي سنة 2004م، كان رجلا رياضيا واجتماعيا من أنصار الحركة الإصلاحية.
أرجو من الإخوة القرَّاء إفادتنا بما يعرفونه عن هذه الشخصية مشكورين.
ممكن ان تتعرف علي اكثر من اخبار المذكورين من ابناءهم الاحياء والموجودين ببريان
ردحذف