الجمعة، 31 مايو 2019

شؤون ‘جتماعية: الشبهة الثانية عشر: حبس المرأة المطلَّقة عن الزواج


الشبهة الثانية عشر: حبس المرأة المطلَّقة عن الزواج
  
    في الخدمة الوطنية، حيث يلتقي شباب الجزائر من كلِّ جهات الوطن، وفيها غالبا ما يتبادلون الأخبار والمعلومات، كلٌّ عن جهته ومنطقته وقومه ومجتمعه، عن الجانب التاريخي أو الاجتماعي أو الحضاري أو السياحي وما إلى ذلك.
    في إحدى هذه الثكنات يكتشف الشاب المزابي الكثير من الغرائب والعجائب والنوادر المتراكمة في الذاكرة الشعبية في بعض المجتمعات الجزائرية، عن مزاب والمزابيين، بعضها مضحكٌ جدًّا، وبعضها محزنٌ مبكٍ لغباوة مصدِّقيها ومردِّديها حتَّى تصبح كأنَّها تراثا تحفظه الأجيال تلو الأجيال.
    من ذلك قولهم أنَّ المرأة المزابية إذا طُــلِّقت من زوجها لا تتزوَّج ثانية، فتحيا بقيَّة عمرها دون زواج ما حييت، وبذلك يتراكم في المجتمع المزابي عدد النساء المطلَّقات.
    فراحوا بعد هذه المعلومة الخاطئة الخطيرة التي يتبادلونها بينهم، يتخيَّلون المجتمع المزابي على حياة اجتماعية غريبة فريدة من نوعها في نظرهم:

-      الكثير من النساء فيه مطلَّقات.
-      أزمة أو ندرة في العرائس الأبكار.
-      منع المرأة أن تتزوَّج برجل غير مزابي.
-      رفض المجتمع أن يتزوَّج المزابي بامرأة غير مزابي.
    وأمام هذه الشبهة والدعاية، تذكَّرتُ قول الأستاذ: محمَّد علي دبوز (رحمه الله) عندما شكَوا إليه العديد الكبير من الإناث في المجتمع، فقال لهم: -"إن كنَّ قليلات فيكفيننا، وإن كنَّ كثيرات فنكفيهنَّ"- وهو يعني بذلك أن هذ المشكلة مشكلتنا لا دخل لكم فيها.
    والحقيقة أنَّ هذا الأمر غير صحيح، ولا وجود له على أرض الواقع، إنَّما هو من نسج الخيال الواسع، ووضع الوضَّاعين وما أكثرهم في المجتمعات العربية بكلِّ أسف.
    ولو كانت لهم قلوب يفقهون بها، لعرفوا أنَّه من غير الممكنِ لمجتمع مَّــا أن يعيش بهذا المنطق والعرف، خاصَّة مجتمعِ محافظ ملتزم كالمجتمع المزابي، وامتثلوا لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَومًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾.
    فالمرأة في المجتمع المزابي تعيش كأحسنِ امرأة في المجتمع المسلم، تحيا عزيزة مكرَّمة، متزوِّجة كانت أو مطلَّقة، إذ يقوم المجتمع بمؤسَّساته الدينية والعرفية الاجتماعية، برعايتها وحفظ حقوقها المادِّية والمعنوية، في كلِّ أحوالها، وكلِّ مراحل عمرها.
    فهل يأتي زمان تتطهَّر هذه النفوس الخبيثة، والقلوب المريضة، فتعقل وتسمو وتدرك وتتبيَّن قبل إشاعة الأكاذيب والشبهات؟؟؟

بقلم: يوسف بن يحي الواهج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق