الجمعة، 2 سبتمبر 2022

شخصيات: الواقفُ على الوقفِ وقفٌ وقفة احترام وتقدير في حقِّ الفاضل: "بكير بن عمر أرشوم"

 

الواقفُ على الوقفِ وقفٌ

وقفة احترام وتقدير

في حقِّ الفاضل: "بكير بن عمر أرشوم"

    دخلتُ يوما المقبرة في مسقط رأسي "بريان" لزيارة والديَّ وأقاربي، فلمحتُ بين أشجار الزيتون الوارفة رجلا كنتُ أراه دائمَ الحضور في المكان، وعلمتُ أنَّه القائم على شؤون المقبرة، فتقدَّمتُ إليه لألقي عليه سلام الإسلام، وتحيَّة الصداقة، وبالمناسبة رغبتُ أن أعرف عدد السنين التي قضاها في هذه المهمَّة هنا في هذا المكان، فسألته قائلا:

-      كم لكَ من السنين هنا؟

  أجابني:

-      ربَّما خمسة عقود؟

  قلت:

-      لا، أنا أسألكَ عن عمرك، إنَّما أسألك عن مدَّة عملك هنا في المقبرة.

  قال:

-      نعم، ذلك ما أعنيه.

  قلت متعجِّبا:

-      خمسة عقود؟!!!

  في تلكَ اللحظة، قلتُ له:

-      يا أخي، هل تسمح لي أن أدوِّن منكَ وعنكَ شيئا للتاريخ؟

  قلت ذلك وأنا أخرج ورقة وقلما من جيبي، وأجابني:

-      تفضَّل بكلِّ سرور.

    فكنتُ بصدقٍ أكثر منه سرورا أن وافق على طلبي، لأنَّـه أصبح جزءا من تاريخ المكان، وقطعة من قطعه، وبعض من هذا الوقف الذي يقف عليه.

    فجلستُ إلى جانبه على الحائط القصير، أستظل بظلِّ شجرة الزيتون المباركة، ومرَّة يجلس إلى جانبي، ومرَّة يتفقَّد الماء في أحواض الزيتون؛ فكتبتُ أثناء هذا اللقاء ما يلي:

    هو الأخ الفاضل: "بكير بن عمر بن صالح أرشوم" (حفظه الله)، أصيل مدينة بريان بولاية غرداية، ولد يوم 12 ماي 1955م، تلقَّى تعليمه الأوَّل بمدرسة الفتح القرآنية، والمدرسة الرسمية، ثمَّ بالقرارة في معهد الحياة الذي تخرَّج منه في سنة 1975م.

    وكانت بداية عمله بعد التخرُّج مباشرة بحاسي مسعود في مجال البترول بين شركتين إلى سنة 1980م، ثمَّ انتقل إلى مدينة غرداية ليشتغل مراقبا في الحافلات للنقل الحضري في غرداية مدَّة سنتين (1981/1982)، ثمَّ رجع إلى حاسي مسعود ويشتغل في مجال عمله الأوَّل (البترول) وقضى فيه تسع

سنوات أخرى إلى سنة 1990م، حيث رجع إلى بريان واشتغل في مصلحة المياه إلى سنة 2017م سنة تقاعده.

    أمَّـا عمله في المقبرة، فقد كان منذ سنة 1979م وهو في عزِّ شبابه، لـمَّـا كان في العقد الثاني من العمر، تطوُّعا ومساعدة منه لمن سبقه من القائمين على وقف المقبرة، منهم الفضلاء:

-      بكير بن سليمان لعساكر (رحمه الله).

-      إبراهيم بن صالح مولود (رحمه الله).

-      عمر بن أمحمَّد سالم (رحمه الله).

-      محمَّد بن عمر أوراغ (حفظه الله).

    وسبقهم إلى هذه المهمَّة الفاضل: عمر بن سليمان لعساكر رحمه الله، وأنا اليوم أتمنى بصدق أن ييسِّر في الأمر ويوفِّقني ويوفِّق المثقَّفين والطلاب لكتابة تاريخ وفضائل ورجال الخفاء الذين حافظوا على أوقاف هذه البلدة، وأبلوا في ذلك بلاء حسنا، وقاموا بجهود عظيمة تجهلها الأجيال المتعاقبة. لعل الله ييسِّر لنا العودة إلى هذا الموضوع.

    ومنهم وعلى مرِّ السنين أخذ منهم دور ومهامِّ الواقف على وقف المقبرة التي يجب أن يقوم بها في محيط الوقف على مختلف الجبهات:

·       قبر موتى المسلمين والمسلمات.

·       نظام ترتيب القبور للحفاظ على الأرض الموقوفة لهذا الغرض.

·       الحرص على وفرة المواد الضرورية لعملية القبر.

·       نظافة وصيانة المصلَّى وأجزائه.

·       النظافة اليومية والدائمة لمغاسل الموتى.

·       الحرص على توفير الـماء للمغاسل.

·       رعاية أشجار النخيل والزيتون في المقبرة.

·       توفير الأمن لروَّاد المقبرة.

·       المحافظة على أمن المقبر وغلق بواباتها يوميًّا.

إضافة إلى أنَّه أدرك من وكلاء الأوقاف المكلَّفين من الهيئة الدينية بالمسجد (العزَّابة) المشايخ:

-      الحاج أحمد بن موسى قلُّــو (رحمه الله).

-      الشيخ إبراهيم بن باعلي "الزعيم" (رحمه الله).

-      الأستاذ عبد الله بن صالح بن الشيخ صالح الطالب باحمد (حفظه الله).

    فكان لهم الابن البار المطواع في كلِّ المهامِّ المتَّعلِّقة بالمقبرة، وأخذ منهم نظام تسيير الوقف، والمحافظة عليه، وخدمة زوَّاره في سائر الأيَّام، أو في المناسبات والأحداث الخاصَّة كالجنائز الكبيرة لشخصيات ذات وزن علميٍّ واجتماعيٍّ كبيرين.

    ولا يزال حفظه الله قائما بمهامه على أحسنِ ما يرام، تحت حِكمة راجحة، وخبرة راسخة، وتجربة طويلة اكتسبها ممَّـن سبقه وعمل معه منذ شبابه، فليس غريبا منه بعد أربعة عقود وأزيد أن يكون الرجل الكفء لهذه المهمَّة، والرجل المناسب في المكان المناسب.

    وبهذا، نشهد ويشهد كلُّ من يتردَّد على المقبرة حاليا، ويجدها محصَّنة آمنة، نظيفة مرتَّبة، في مربعات القبور، وفي ممرَّات الراجلين، وفي مواقف المركبات، وفي مواقيت فتح وغلق الأبواب، فوراء كلِّ هذا رجل ورجال قائمون واقفون مهتمُّون، لهم على الأمَّة حقُّ الشكر والامتنان والتقدير والاعتراف بالجميل.

حفظك الله تعالى أخانا الفاضل بكير وكان في عونك

*المصدر:

- مقابلة مع الفاضل: بكير بن عمر أرشوم، في بريان، يوم: 21 أوت 2022م.

 

بقلم: يوسف بن يحي الواهج

بريان: 02 سبتمبر 2022م

هناك 7 تعليقات:

  1. ربي يحفظك

    ردحذف
  2. ربي يحفظك يالسي باركير واطول عمرك حتى تحفرلي قبري كي اليوم

    ردحذف
  3. ربي اشحفظ عمي بكير او رانا نخمموا على هذاك انهار الي نطيحوا في يدك

    ردحذف
  4. ربي ايحفظك عمي بكير وربي يتقبل منكم صالح الاعمال وبلا ماننسو ذرعه الأيمن السيد قلو ناصر هو كذالك من مجهدي هذا الوقف راعاكم الله وحفظكم

    ردحذف
  5. ربي يحفظك ويطول في عمرك عمو بكير حقا نعم الرجال كان صديق لوالدي رحمه الله

    ردحذف
  6. ربي اشيحفض لما لم تساله عن جميع من كان في مكانه من قبل .

    ردحذف
  7. رحم الله عمي بكير لعساكر وكل السائرين في هذا الميدان الصعب.
    جزاء بكير رشوم هو الجنة ولا يكفي كل مال الدنيا مقابل تضحياتهم العظيمة

    ردحذف