الاثنين، 11 أغسطس 2014

    من واقع المجتمع المزابي.
1-            الورع:
    في السنوات الأولى من القرن الحالي، أراد أحد المزابيين الاباضيين إعادة بناء مسكنه القديم، وتثبيت قواعده، ولمــــــَّا وصل إلى الطابق الأوَّل، أراد أن يُخرجَ شرفة (balcon) إلى الشارع ببضع عشرات السنتمترات، تأسِّيا بالأسلوب المعاصر في البناء الحضري.
    ولكن في ليلة من الليالي هجره النوم وقلاه، فطاف به طائف من الضمير يسائله عن هذه الشرفة التي أراد إضافتها إلى بيته، إن لم يكن له فيها ظلمٌ للناس واعتداء على حقِّ الطريق، ولمــــَّا تعب بين ضمير نفسه اللوَّامة، وشيطان نفسه الأمَّارة، قرَّر أن يتوجَّه إلى إمام المسجد، يستفسره، ويستشيره، ويستفتيه.

    فبكَّر إلى بيته مع تباشير الصباح، فوجد الشيخَ قد خرج من بيته، وهو يهمُّ امتطاء دابته (الحمار) لينتقل به إلى حائطه على مشارف المدينة، حيث يمتهن الفلاحة والزراعة والبستنة.
-      ألقى عليه المواطن التحيَّة: السلام عليكم، فضيلة الشيخ.
-      الإمام: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. مرحبا بك يا ينيَّ.
-      المواطن: فضيلة الشيخ، جئتك سائلا في أمرٍ شغل بالي، وقضَّ مضجعي.
-      الإمام: معذرة يا ولدي، أمهلني دقيقة أعيد الحمار إلى مَربَطه حتَّى لا أعطِّل الناس في مسلكهم.
-      أجابه المواطن متعجِّبا: خْلاَصْ فضيلة الشيخ، لقد أجبت عن سؤالي.
-       تعجَّب الشيخ من الرجل، وسأله: كيف ذلك؟ فأنت لم تطرح عليَّ انشغالك !.
    وألحَّ الشيخ على الرجل أن يعرف منه الأمر كاملا، وكان قد أعاد الحمار إلى مربطه.
    فقال المواطن: جئتك فضيلة الشيخ أسألك عن حكم الشرع في تزيين البيت الذي أنا بصدد إنجازه بشرفة (balcon) تأخذ حوالي نصف متر من فضاء الشارع، هل في ذلك اعتداء على حقِّ الطريق، وظلمٌ للناس؟
    فوجدتك تتورَع عن إيقاف الدابَّة في عرض الطريق أثناء حديثك معي، فقدَّرت الذنب الذي سأرتكبُه أنا، وحجم الظلم الذي كنت سأقترفه في حقِّ الطريق والناس.
    أجابه الإمام: هدانا الله جميعا للعمل بما ينجينا يوم القيامة من ظلم العباد، فــــ "الظلم ظلمات يوم القيامة".

بقلم: يوسف بن يحي الواهج


-----------------------------
1-               هو الشيخ الحاج محمد بانوح نوح مفنون إمام ورئيس حلقة عزابة بن يزقن.

2-               المصدر: الأخ اسبع منير.

هناك تعليقان (2):

  1. هدانا الله جميعا للعمل بما ينجينا يوم القيامة من ظلم العباد، فــــ "الظلم ظلمات يوم القيامة

    ردحذف
  2. حقا " الظلم ظلمات يوم القيامة " ليت الناس يدركون ذلك ولكن هيهات... هيهات...الظاهرة تفشت وطغت على الهندسة المعمارية الاصيلة.

    ردحذف