الأربعاء، 13 أغسطس 2014

من واقع المجتمع المزابي:
    2- هدية الطفل (تِيفِيرْتْ):
    جمعني لقاء في السيارة لمسافة قصيرة، بأحد أترابي ورفقاء طفولتي، أخذتنا شجون الحديث ومتاهاته إلى شعاب عدَّة، استحضرنا فيها ذكريات الطفولة البريئة، وتصرفاتها المضحكة، وطيش الصبا المرفوع عنه العقاب.
    ولكن توقَّفت طويلا عند استذكار المهمَّات التواصلية التي كانت الأمَّهات بصفة خاصَّة تكلِّفنا بها، كأن نقوم بتوصيل غَرَضٍ مَّا إلى الجيران، أو إلى أحد الأقارب، كالجدَّة، أو الخالة، أو العمَّة، أو الأخت المتزوِّجة، أو إلى صديقة الأمِّ، أو غيرهن.

    أو عندما تكلِّفنا الأمُّ بالاهتمام برعاية الأشقَّاء الصغار أثناء غياب الأمِّ، أو عند حضور ضيوف مهمِّين، أو لأداء الصلاة، أو لقضاء وقت مريح مع الصديقات والجارات، أو ...أو ....

    أو عندما تطلب الأمُّ أو إحدى نساء العائلة المساعدة في عملٍ يتطلَّب مساعدة من سواعد صغيرة طريَّة، كالسعي بين عمودي (إِجَاجَّــنْ نْ وَفْلاَ) لإعداد سداة المنسج (أَفْـــلا)، أو المساعدة في نقل أغراض البيت عند الرحيل إلى المصيف بالغابة (أَعْمَارْ) أو العكس.
    وكم كانت سعادتنا لا توصف ولا تقدَّر ولا نجد لها تعبيرا عندما تقدِّم لنا تلك السيدة تلك الهديَّة (تِيفِيرْتْ)، ونغدو نفتخر بما قُدِّمَ لنا، ونفاخر بها زملاءنا، ونرد على السيدة المانحة قائلين مخلصين: رَبِّ أَدَيَقْبَلْ من أعماقنا، فلا شكَّ أن تكون تلك الدعوات مقبولة عند الله، فهي صادرة من قلوب نظيفة طاهرة بريئة، قلوبِ الطفولة.
    المهمُّ استحضرت مع صديق طفولتي هذه الذكريات، وتوَّقفنا عندها آسفين باكين على غيابها من أبجديات الأمهات في عصرنا هذا.
    فتمنَّينا بصدق أن تعود هذه العادة، بل هذا الخلق التربوي الكريم الراقي إلى أُسَرِنا وبيوتنا وبناتنا.
    فيا أيَّتها الأمَّهات، ويا أَيُّها الآباء، أكرموا أبناءكم وبناتكم بالهدية الموعودة أو المشروطة، سمُّها كما شئتم، فالهدية تزرع المحبَّة في القلوب، كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: -"تَهادُوا تَحَابُّوا"- ولا تفسدوها بقول المرجفين من الناس: حْمَارْ بَسَّكْرَه مَــا يَمـــْشِي إِلاَّ بْ لَكْرَا.


بقلم: يوسف بن يحي الواهج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق