الثلاثاء، 13 مايو 2014

حديث حواء الوادي

حديث حواء الوادي
    زهراء أمل
رؤوس أقلام

    حواء مزاب تعيش اليوم ما تعيشه جميع نساء العالم من تحضُّر وعصرنة في جميع مجالات الحياة، العيش، التعليم ،العمل ...  إذا هناك نقطة تحول رهيبة الى مصير مجهول.
    وحسب ما سمعناه من أمَّهاتنا وجدَّاتنا، وما عشناه نحن في صغرنا وشبابنا، وما نعيشه اليوم بين أبنائنا وبناتنا، وما نتوقَّع أن نعيشه في شيخوختنا، وما سيعيشه أبناؤنا وأحفادنا غدا وبعد غدٍ والمستقبل القريب، نجد أن هناك فروقا شاسعة بين حياة حوائنا بالأمس وحوائنا اليوم وحواء مستقبل أمتنا.
    فحواء الأمس بمزاب، كانت حياتها مخطَّط لها، وممنهجة وفق العرف والتقاليد، فقد حدَّد المجتمع سنَّ دراستها، وسنَّ بلوغها الشرعي، وسنَّ قرارها بالبيت، وسنَّ زواجها، وسنَّ استقلالها الأسري، وسنَّ ...، وسنَّ ...، وسنَّ ....؛ ولو استطاع أن يحدِّد سنَّ وفاتها لفعل. 

    أمَّا حواء اليوم هنا، فلها شأن آخر. الدراسة إلى من المهد إلى اللحد، والزواج بإذنها وموافقتها، تحت شروط ومطالب، كمزاولة الدراسة، وممارسة العمل، والاستقلال المالي، ...إلخ.
    ولحواء الأمس بمزاب، نظام عيشٍ مقسَّم وفْق فصول السنة، ففي فصل الربيع، عليها أن تتحوَّل للعيش في البساتين والمزارع فتستقر هناك ستَّة أشهر أو تزيد؛ لوفرة الماء والحطب  اللّذان كانا يقتنيان من باطن الأرض، وجريد النخل وأغصان الأشجار، الى المنازل في المدينة (أغرم) ولوجود الهواء النقي المنعش، ولتكون إلى جانب الرجل (زوجها ووالدها وشقيقها وولدها)،  تشاركهم العمل والراحة في المزرعة، وليأكلوا ما لذ وطاب من ثمار ما تغرسه سواعدهم، إلى حين انتصاف فصل الخريف، وتغيُّر المناخ بجليد لياليه، وبداية فصل الشتاء بزمهرير رياحه، عند ذلك تعود إلى المدينة (أغرم).
    حواء اليوم نظام عيشها غير ذلك، لتوفُّر الظروف المعيشية الرغيدة، من غاز ومياه ومبردات هوائية، جعلتها لا تفكر في الذهاب الى البستان إلاَّ لقضاء ايام فيه للنزهة وتغيير روتين الحياة اليومية، وعقد تجمعات عائلية ترفيهية.
    حواء الامس صبورة مثابرة منتجة ... إلخ.
    حواء اليوم قلقة يائسة مضطربة ومستهلِكة ... إلخ.
    ونحن لا ننكر أنَّ من بين حوائنا اليوم من هنَّ في مثلِ حوَّاء الأمس أو أفضل، في المثابرة والصبر والطموح والمساعي الخيرية، ولكنَّنا نعدُّهن على الأصابع .
    حواء اليوم تواجه تيَّارا قويا يعترض حياتها، إن حكَّمت العقل والفطرة نجت، وإن حكَّمت العاطفة والهوى فكبِّر عليها أربعا.


بقلم: زهراء أمل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق