السبت، 24 فبراير 2024

شؤون إجتماعية: دخلت بيتي فتذكَّرتُ أمِّي

 
دخلت بيتي فتذكَّرتُ أمِّي
 

    دَخلتْ هذه الآلة بيتي "العجَّانة الكهربائية" بيتي -وليس بيدي- الخاصَّة بتحضير عجين الخبز بأنواعه المختلفة، إضافة إلى العجائن الأخرى الخاصَّة بالحلويات والفطائر وما إلى ذلك.

    قلتُ لـمَّا دخلت هذه الآلة البيت تذكَّرتُ أمِّي العزيزة (رحمها الله)، وتذكَّرتُ خبز أمِّي، وقهوة أمِّي، وشاي أمِّي، وجبنة (تَكَمَّارِيتْ) أمِّي، وجميل الجلسات العائلية وسعيدها.

    ولـمَّا رأيتُ الآلة الكهربائية، حضرت أمِّي بين ناظريَّ، فتذكَّرتُ ذكريات جميلة كأنَّني أراها رأي العين، مشاهد أمَّي وهي تجلس جلوس التحيات، وهي تحاصر قصعة خشبية (طْزِيــوَا) إلى الجدار أو زاوية من زوايا البيت أو المطبخ، فتنكبُّ على السميد ولواحقه من المواد، فتخلط الكلَّ بيديها مشمِّرة عن ساعديها، حتَّى يصير عجينا، وتقلِّبه ظهرا لبطن، وتداعبه بين كفَّيها حتَّى تطمئنَّ إلى جاهزيته لتخبــيزِه بخبرتها وما تعلَّمته من أمِّها، وتجربتها.

    فإن سرَّعت الآلة تحضير العجين، وأراحت سواعد المرأةَ المعاصرة، وتخيَّلت أنَّها ربحت بعض الدقائق من وقتها؛ فلن تمنح الآلة أبدا لذَّة الخبز اليدوي، وجميل مذاقه، وصحيَّته وبركته.

    رحمك الله أمِّي، أصبحتُ اليوم مشتاقا لخبزك الذي يلذُ لي مذاقه، ويحسن عندي شكله، لأنَّه يحمل بصماتك، وترتسم عليه صورتك.

 

يوسف بن يحي الواهج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق