الأستاذ الموهوب: عبد الله بن يحي ابن يامِّي
صاحب اليد الذهبيَّة المباركة
إنَّه
الأستاذ الفاضل، الأنيق، المتألِّق، المتميِّز: عبد الله بن يحي بن الحاج إبراهيم
ابن يامِّي حفظه الله؛ من عشيرة "آل بنورة والعطف" في مدينة
بريان العامرة، بولاية غرداية مزاب الجزائر.
أمُّه السيدة
الفاضلة: نانَّه منَّه بنت عيسى ابن يامِّي.
أوَّل ما رأى
النورَ يوم وُلد في: الأحد 03 شوَّال 1367ه/يوافقه 08 أوت 1948م، بمدينة بريان؛ وفيها
نشأ وتربَّى وترعرع في أحضان الأمِّ الصالحة "نانَّـه" الملتزمة
بدين الله تعالى وشريعته، العالمة بحدود الله وحرماته، الورِعة التي "تدَعُ
سبعين بابا من الحلال مخافة أن تقع في الحرم"، كما قال عمر بن الخطَّاب
(رضي الله عنه).
وبين البيت،
والحقل، والمدرسة نشأ بأعين والده الفاضل: "يحي" وتحت رعايته
الكريمة، ومسؤوليته الراعية لكلِّ جزئيات حياته الطفولية، من حنان دافئ، وحماية
آمنة، وتوجيه سليم، ونصحٍ صادق.
دبَّ، وحبَا، ومشَى، في بيت متواضع بسيط كأغلب البيوت في البلدة آنذاك، في ظلِّ حياة صعبة بعد الحرب العالمية الثانية، التي تراكمت آثارها في المنطقة كما في غيرها من العالم، خاصَّة في شظف العيش، وقلَّة القوت، وغياب المواد الغذائية وغلائها، إلاَّ ما كان يزرعه الوالد "يحي" بساعديه ومساعدة ولديه في مزرعته بالواحات الغربية للبلدة.
v الدراسة:
لـمَّا بلغ من العمر ستَّ سنوات مع بداية الثورة
التحريرية 1954م، التحق بمدرسة "الفتح القرآنية" في مبناها القديم بحي
بربورة العتيق، حيث تلقَّى تعليمه الأوَّل في القرآن الكريم، ومبادئ الفقه
والعقيدة وما يعلم من الدين بالضرورة، وأساسيات اللغة العربية، وتاريخ الإسلام
والسلف الصالح، على يد الأساتذة الأفاضل:
-
الشيخ عبد الرحمن بن عمر بكلِّي.
-
الشيخ بكير بن محمَّد أرشوم.
-
الشيخ إبراهيم بن باعلي لعساكر (الزعيم).
-
الأستاذ محمَّد بن أمحمَّد أولاد داود (البرياني).
-
الأستاذ محمَّد بن بالحاج ابن يامِّي (الدكتور).
-
الأستاذ يوسف بن حمُّو ابن زايط.
-
الأستاذ عمر بن عطيَّة مغازي.
وإضافة إلى
ما يتلقَّه في المدرسة القرآنية، التحق أيضا بالمدرسة الرسمية الفرنسية آنذاك
"مدرسة النخيل" فتحصَّل فيها بعض المعارف العصرية، كاللغة الفرنسية،
والتاريخ الفرنسي والجغرافيا، والحساب.
وفي سنة
1962م، انتقل إلى القرارة، للدراسة في معهد الحياة، على المشايخ الأكفَّاء:
-
الشيخ إبراهيم بن عمر بيُّوض.
-
الشيخ سعيد بن بالحاج شريفي (الشيخ عدُّون) ...وغيرهما.
وفي سنة 1965م، تخرَّج
من معهد الحياة لينتقل إلى الجزائر العصمة، حيث التحق بـــ "مدرسة الفنون
الجميلة "Les beaux art"
ليزداد علما ومعرفة، ويتخصَّص في الفنون الجميلة خاصَّة الخط العربي، الذي وهبه
الله إيَّاه فطرة وملكة اكتشفها في السنوات الأولى من دراسته في مدرسة الفتح
القرآنية، على يد أستاذيه:
-
محمَّد بن امحمَّد أولاد داود (البرياني).
-
محمَّد بن بالحاج ابن يامِّي (الدكتور).
الذين كانا يتميَّزان
بالخطِّ الجميل، وكانا يحرصان شديد الحرص على زرعه وغرسه في تلاميذهما.
ومن الموهبة
التي أوتيها الأستاذ عبد الله ابن يامِّي في الخطِّ، كان معلِّمه: محمَّد بن
بالحاج ابن يامِّي، يقدِّمه إلى السبورة ويستعين به في كتابة بعض الحروف، كالجيم،
والحاء، والخاء، لـمَّا اكتشف فيه إتقانها أكثر ممَّا يُتقنها هو نفسه.
بعد عودته من
الجزائر العاصمة تلقَّفته إدارة جمعية الفتح لتضمَّه إلى فريق التدريس عندها، سنة
1966م، وكنتُ محظوظا أن كنتُ أحد تلاميذه في السنة الثانية ابتدائي بمدرسة الفتح،
ولا زالت صورته ماثلة بين ناظريَّ وأنا أجلس أمامه أتلقَّى ما يمليه علينا من
دروس؛ غير أنَّ ما انغرس في العينِ، والعقل، والقلب، والنفس، تلك القدرة الفائقة
في تشكيل الحروف بشكل جميل، وتطويع الطبشور بقدرة سحرية، مستعملا يسراه القادرة
أكثر من يمناه.
رابط في مدرسة الفتح إلى سنة 1966م، ملقِّنا للقرآن الكريم، ومعلِّما للغة العربية الفصيحة، وقواعدها في النحو والصرف والاملاء، إضافة إلى مبادئ الفقه والتاريخ الإسلاميين.
v نشاطاته الموازية للتعليم:
في
الكشَّافة الإسلامية الجزائرية: كأغلب شباب البلدة أيَّـامئذٍ، خاصَّة تلاميذ
وأساتذة المدرسة "مدرسة الفتح" كان من المنخرطين في صفوف الكشَّافة،
وتدرَّج في صفوفها، يتابع تدريباتها تحت إشراف القائد: عمر بن عطية مغازي (رحمه
الله)، ويشارك في دوراتها التكوينية، وينشط في مخيَّماتها المحلِّية والخارجية، من
ذلك على سبيل المثال: المخيَّم التاريخي الذي نظَّمته الكشافة الاسلامية الجزائرية
"فوج الفتح" إلى مدينة تيهرت (تيارت) في صيف سنة 1970م.
تعليم
الصلاة للناشئة: تولَّى إلى جانب بعض زملائه المعلٍّمين تعليم الأطفال
البالغين البلوغ الشرعي الصلوات الخمس صيف كلِّ سنة، في نظام دراسي مدروس بإحكام،
يستغلُّ العطلة المدرسية الصيفية الطويلة، فيتجمَّع صغار البلدة المقيمين مع الذين
يفدون من شمال وجنوب وشرق وغرب الجزائر، وحتى من خارج الوطن.
فيأخذون خلال العطلة أحكام الصلاة، وأقوالها، وأفعالها،
من أساتذتهم الذين يفقهون جيِّدا كلَّ ما يجب أن يعرفه المرء المسلم عن صلاته بصفة
خاصَّة.
إنجاز
اللوحات الخطِّية: كان هو الوحيد الذي يتمتَّع بموهبة الخطِّ الذي يشار إليه
بالبنان في هذا المجال، فكان بقصد من جهات مختلفة لإنجاز بعض اللوحات، مثل تلك
التي تحمل أسماء المدن، والأحياء، وبعض إشارات المرور، ولافتات المحلاَّت
التجارية، والمؤسَّسات الاقتصادية، والمدارس الرسمية والحرَّة.
وأهمُّ من
ذلك، إنجازه للوحات فنِّية جميلة تزيِّن مساجد البلدة بآيات قرآنية كريمة، لا تزال
قائمة إلى اليوم في أغلب بيوت الرحمن بالبلدة، تخلِّد اسمه، وموهبته.
ختاما: هذا هو أستاذي الكريم: "عبد الله بن يحي ابن
يامِّي" (حفظه الله)، كما عرفته من اليوم الذي كنت له تلميذا، ثمَّ رفعني
إلى مقامه الرفيع صديقا ورفيقا، فازددتُ به إعجابا، وازددت له تقديرا واحتراما
ومحبَّة، لتواضعه ونبله، ودماثة أخلاقه، وصفاء طويَّته، فكان لي القدوة والمثل
الأعلى.
أسأل الله
العليَّ القدير أن يحفظه، ويمتِّعه بموفور الصحة، ويجازيه عنِّي، وعن كلِّ تلميذٍ،
وطالبٍ، وطالبٍ، لقَّنه من القرآن الكريم آية، أو حفَّظه حديثا شريفا، أو علَّمه
حرفا، أو زاده علما ومعرفة، خير الجزاء. آمين، آمين، آمين.
لكم أستاذي العزيز، أخلص الدعاء، وأرفع آيات الاحترام والتقدير
ابنكم، وتلميذكم، ومحبُّكم، الداعي لكم:
يوسف بن يحي الواهج
الجزائر: 14 فيفري 2023م
*المصادر:
- يوسف ابن يامِّي، نجل الأستاذ: عبد الله بن يحي ابن يامِّي.
- أ. السايح بن صالح الطالب باحمد.
- أ. عبد العزيز ابن يامِّي.
بارك الله فيك أخي العزيز يوسف لقد وفيت وكفيت بتعريف أول معلمي في مدرسة الفتح بصحبتك ولقد شاء الله أن أكون من رفقائه في الحج عام 2000. بارك الله في أنفاسكم.
ردحذفشكرا على مروك الكريم، شرفتني كلماتك وشهادتك، كما تشرفت انت برفقته الاستاذ في الحج. تقبل الله منكما.
حذفبارك الله فيكم و في استاذي الكريم و اطال الله عمره انه حقا فنان من طينة الكبار ولأول مرة اسمع انه التحق بمدرسة الفنون الجميلة الله ابارك .
ردحذففقط ملاحظة اعتققد انه يوجد خطأ في الجملة التالية :رابط في مدرسة الفتح الى 1966 انا درست عنده في الثمانينات
نعم اخي الفاضل، ليس خطا، ففي بداية الفقرة أشرت إلى انه بدأ التريس في سنة 1966م، وظل مرابطا في التعليم إلى سنة 1996م، ومن ضمنها سنوات الثمانينيات طبعا. شكرا لمرورك الكريم.
ردحذفبارك الله فيك بهذه النبذة من حياة الاستاذ كنت احد تلامذه أولا السبعينات نعم المعلم والمربي اطال الله في عمره وحفظه
ردحذفالعفو أخي الكريم، بالفعل كان نعم المعلِّم والمربي. شكرا لمرورك الكريم.
حذف