السبت، 18 فبراير 2023

كتابات أدبية: تَـاغَرْمَا نْ وَّغْلاَنْ – "ساحة النزهة"

 

تَـاغَرْمَا نْ وَّغْلاَنْ – "ساحة النزهة"


    في حيِّ "بوطَارَه" ببلدية بريان، "ساحة النزهة" كما أطلقت عليها بلدية بريان في صفحتها الرسمية[1] على الفيسبوك، سيتمُّ وضعها حيِّز الخدمة أو تدشينها في يوم الغد: الأحد 19 فيفري 2023م، ضمن الاحتفالات باليوم الوطني للشهيد الجزائري الخالد (18 فيفري من كلِّ سنة).

    وقد كنتُ أتابع تباشير هذه الساحة على صفحات الفيسبوك قبل أن أراها رأي العين، ويعلم الله كم كنتُ سعيدا ثَلِجَ الصدر وأنا أشاهد صورَها، ومقاطعَ فيديو التقِطَتْ لها، ولـمَّا علمتُ خبرَ تدشينها وكنتُ اليوم في بلدتي بريان، فحمَّلتُ نفسي بعض الخطوات لأطَّلع على الساحة عيانا، "فليس من رأى كم سمع" رغم أنَّني كنت أشاهد عابرا أشغال بنائها من قبل.

    وصلتُ إلى الساحة بعد عصر اليوم[2]، فوجدتُ عجَبا أكثر ممَّـا رأيت على الفيسبوك، وما كنتُ أظنُّ واللهِ أن تكون على ذلك المستوى، رأيتُ بدايةً أطفالا يمرحون، ويلعبون، والفرح والسعادة تغمر محيَّاهم، والابتسامات مرسومة على ثغورهم، وبعض الشباب وأساتذة المدارس حولهم، كأنَّهم يؤطِّرون تلاميذهم جاؤوا أفواجا من المدارس.

    ولـمَّا اقتربتُ، وتوسَّطتُ الجموع، ذُهِلتُ لـِمَـا أنجزَ وبان اليوم كاملا، بعدما كنتُ أراهُ كأنَّه جنينٌ لـمْ يكتمل، إنَّه مجسَّم بُنيانيٌّ، أو قل: معلَمٌ لا يقلُّ أهمِّية ولا قيمة من البلدة "بريان" كاملة؛ وفور مشاهدتي لهذه الرائعة الفنِّية، حتَّى وقع في ذهني، وتمنَّيتُ أن يُـطلق عليها اسم: "تَـاغَرْمَـا نْ وَّغْلاَنْ" أو حضارة وطن، لأنَّها تختزلُ وتلخِّص وتعبِّر عن بلدة بريان ذات الخمسة قرونٍ تقريبا؛ فالمعلَم يختزل البلدة في عمرانها، ويلخِّص المجتمع في تراثِه، ويعبِّر عن الأمَّة والبلدة بتاريخها المجيد.

    أقول هذا، وأنا أنظر إلى تلكَ الصومعة أو المئذنة الصغيرة "أَعَسَّاسْ" التي تتوسَّط وتعلو الهيكل، كأنَّه حقيقيُّ أنتظر أن يصدرَ منه الأذان، وقد يكون في يومٍ مَّا.

    أقول هذا، وأنا أشاهدُ عمودَيْ البئر "تِيرْسَـالْ نِ تِيرَسْتْ" تذكِّر الأبناء بجهود الآباء، في حفر الآبار، وبجزر المياه منها، وحبوهم على أديم الأرض حتَّى أنشأوا الأجنَّة والبساتين والواحات.

    أقول هذا، وأنا ألتقطُ صورة لذلك "السُورِ" الذي يحيط بنصف الساحة، حمايةً للوافدين الزائرين، وإضفاءً لمشهدٍ جمالي لها من داخلها، وهو كذلك في خارجها الظاهر للقادم إلى البلدة من شرقها، وأكثر من كلِّ ذلك هو رمز وإشارة لتلكَ الأسوار التي كانت تحيط بالبلدة كما في غيرها من قصور مزب.

    أقول هذا، عندما وقعت عيناي على قطَع الحلجِ، والغزل، والنسج، الخاصَّة بالمنسج "أَزَطَّــا" الذي كان سيِّدا قائما في كلِّ بيتٍ من بيوتات بريان، والذي يوازي عموداهُ "تِيرْسَالْ نُ زَطَّـا" عمودَي البئر "تِيرْسَالْ نْ تِيرَسْتْ" في كلِّ بستان.

    أقول هذا، وأنا أشاهد جزئيات صغيرة (تِيصَنْبَاضْ، تِيبُوجَا، تِيسُونَانْ، ...) كانت -ولا يزال بعضها- شاهدةً على حياةٍ اجتماعية سعيدة على بساطتها، راقية مع تواضع وسائلها، كريمة وعزيزة بكرم ونبل أخلاقها، قليلة أو عديمة المشاكل والإشكالات والتعقيدات كأنَّها الفاضلة.

    صدِّقني أيَّها القارئ الكريم: إنَّ ساحة "تَـاغَرْمَـا نْ وَّغْلاَنْ" أو "ساحة النزهة" هي مكسب كبير للبلدة، وإنجاز عظيم قام به رجال بإتقان كبير؛ وأمام هذا العمل الكبير لا بدَّ أن نرفع أكفَّ الضراعة، وقبَّعات الاحترام، وآيات الشكر والامتنان، لكلِّ من ساهم لتحقيق أمنية السكان، وأمل الحيِّ، ومقترح العديد من الجمعيات.

    فالشكر موصول إلى:

-      المجلس الشعبي البلدي لبلدية بريان.

-      لعساكر عبد الرحمن بن عيسى.

-      كاسي وصالح جابر بن باحمد.

-      بجلود ...... بن إبراهيم. (معذرة، لـم أعرف اسمه).

-       وإلى كلِّ من ساهم في الإنجاز من قريبٍ أو بعيدٍ، ولـو بالكلمة الطيبة، والدعاء على ظهر الغيب.

    ويبقى الأمل كبير، والرجاء ملحٌّ جدًّا أوجِّهه بصدقٍ إلى السكان بكلِّ أطيافهم، وجمعياتهم، وشبابهم، وكبارهم، وصغارهم، أن يحافظوا على المعلَم بكلِّ أشكال المحافظة.

﴿وَالذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلُنَا﴾

بقلم: يوسف بن يحي الواهج

بريان: 18 فيفري 2023م

[1] - https://www.facebook.com/Berriane4704

[2] - 18 فيفري 2023م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق