الخميس، 19 يناير 2023

من ثمرات الكتب: متعة القراءة في قدوة الطلاَّب

 

متعة القراءة في قدوة الطلاَّب

الشيخ الحاج عمر بن يحي

عجبتُ لمن لا يقرأ، أين يجد متعته؟!

    والله، والله، لا أأسفُ على شيء في عُمْرِي هذا، أسَفي على انشغالي مُكرَها عن المطالعة رُغم حبِّي الدائمِ لها، وقلَّة الكتب التي أقرأها على وفرتها رغم عِشقِي الذي يملأ قلبي لـها.

    إحساس وشعور ومشاعر تغمرُني وأنا أقلِّبُ آخر صفحة من كتاب: "قُدْوةُ الطُلاَّبِ" للأستاذ: إبراهيم ابن محمَّد ويرُّو الحاج يحي، على الساعة الثالثة صباحا من يوم الخميس 19 جانفي 2023م، حتَّى أحوِّل منحة الأرقِ الشديد إلى منحةٍ لذيذة ومفيدة وممتعة.

    وقد دفعني إلى قراءة هذا الكتاب، شخصية الشيخ الحاج عمر بن يحي المترجَم له، والرغبة في التعرُّفِ على القدوة لطلاَّب العلم كما يقدِّمه المؤلِّف للطالب، خاصَّة وأنَّني على علمٍ مسبق أنَّ الشيخ الحاج عمر بن يحي هو شيخ ومعلِّم الزعيم الفاضل: الشيخ إبراهيم بن عمر بيُّوض، فلا شكَّ أن يكون الأخير قد اتَّخذ من الأوَّل قدوةَ حتَّى صار عالما، وزعيما.

    فوجدته (الكتاب) جدير بالقراءة للطلاَّب خاصَّة، ولكلِّ المستويات، والطبقات، والفئات العلمية والثقافية والفكرية، وهو مفيد أيضا لكلِّ باحثٍ في التاريخ، تاريخ الرجال والنساء من الأعلام، وتاريخ المعالم، والتراث، والحضارة، ولكلِّ دارس للحياة والظواهر والمظاهر الاجتماعية والإنسانية.

    بغضِّ النظر عن التزام الكاتب المؤلِّف بمنهجية وأكاديمية البحث في عمله عند تأليف الكتاب، فأنا لا أفتي ولا أقيِّم العمل في هذا الجانب، بل لهذه المهمَّة أهلها ورجالها المختصُّون.

    أنَّما حديثي اليوم عن الكتاب فيما يحمله من ثراء، وغزارةٍ، وتنوُّع في المعلومات، وتوسُّعٍ في بعضها، يثري القارئَ الهاوي بمعارف تاريخية وتراثية وحضارية ترفع من رصيده الثقافي، ويقدِّم للباحث معلومات معيَّنة كثيرة تفيده في بحوثه ومقالاته ومؤلَّفاته، كما يجدُ العالِـم المهتمُّ بالجانب الاجتماعي والحضاري والتراثي للمجتمعات والتجمعات البشرية.

    فقد تحدَّث في الفصل الأوَّل منه عن "الأوضاع العامَّة لقصر القرارة (1858/1896م)" البلدة مدينة الشيخ الحاج عمر، فتوسَّع وبسطَ فيها منذ التأسيس، وجغرافية المكان والمنطقة، وأصل تسمية القرارة، وعمرانها، وفلاحتها، وتجارتها، وحِرَفها، وأوضاعها الدينية والثقافية والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، ومؤسَّساتها الدينية، والعرفية، والاجتماعية؛ وقد أطنب وفصَّل في ذلك حتَّى استهلك منه هذا الفصل أزيد من خمسٍ وسبعين صفحة من الكتاب.

    ثمَّ تحدَّث عن الشيخ الحاج عمر بن يحي (رحمه الله) عنوانِ الكتاب وموضوعِه في الفصل الثاني من البحث، تطرَّق فيه إلى نَسبِ الشيخ وأسرته، وعن مساره التعليمي ومراحله وأساتذته ومشايخه، وعن أعماله المهنية والحرفية؛ فأخذ منه هذا الفصل أربعا وأربعين صفحة من الكتاب.

    وكانت هذه الصفحات مفيدةً جدًّا للطلاَّب بصفة خاصَّة، حيث يجد طالب العلم ما يدعوه إلى طلب العلمِ وحبِّه، وضرورة الإقبال على طلبه حيث يجده، ويوجد فيه رجاله من العلماء والمشايخ؛ كما يجد القارئ فيه أنَّ العلم لا يحدُّه عمرٌ معيَّن، ولا يقدَّم للطالب سهلاً على طبَق من ذهب.

    وختم المؤلِّف الكتابَ بخاتمة جيِّدة، لخَّصَ فيها شخصية الشيخ الحاج عمر بن يحي (رحمه الله) بصفة خاصَّة، وكأنَّ الباحثَ يريد أن يتوجَّه بها إلى الطلاَّبِ، حتَّى يكون لهم الشيخ بحقٍّ قدوةً ومثلا لهم في مسارهم التعليمي.

    وفيها هذه الخاتمة يشير المؤلِّف إلى مؤثِّرات مباشرة وغير مباشرة يراها أساسية في إنجاح التعليم، وتوفير المعرفة، وتهيئة الأجواء المناسبة لنشر العلم والتربية والوعي. ولأهمِّية ما جاء في هذه الخاتمة القيِّمة، رأيتُ أن ألخِّصها في هذه الفقرات، أو التوصيات، على أمل أن تفيد الطالب، والمعلِّم، والمشرف على أمور العلم والتعليم في المجتمع، وهذه الخلاصة أو التوصيات هي:

-       تأثير الأمَّهات في الأبناء دينيا وتربويا وأخلاقيا واجتماعيا.

-       أهمِّية نظام المحاضر التعليمي والتربوي في المجتمع.

-       طلب العلم حيث كان، وعند أيٍّ من العلماء والأساتذة كان.

-       أهمِّية وأثر هيئة إروان في تكوين شخصية طالب العلم.

-       دور وأثر حفظ القرآن الكريم في المسار التعليمي للطالب.

-       دور "نظام الوقف التعليمي" في خدمة الطلاَّب والعلماء، في تخفيف العبء المادِّي عليهم.

-       العمرُ لا يُعيق المرءَ عن طلب العلم، كما يقول الحديث: -"طلب العلم من المهد إلى اللحد"-.

-       ضرورة الوفاء والاحترام من طلاَّب العلم نحو المشايخ والأساتذة والعلماء. ...

    والكتاب تقنيا، هو:

-      عنوان الكتاب: "قدوة الطلاَّب، في سيرة الشيخ الحاج عمر بن يحي".

-      الأجزاء: الجزء الأوَّل.

-      المؤلِّف: أ. إبراهيم بن محمَّد ويرو الحاج يحي.

-      عدد الصفحات: 166صفحة.

-      الإيداع القانوني: أفريل 2020م.

-      الطباعة: المطبعة العربية.


    ملاحظة: أخذ الكتاب من الزمن لقراءتي له شهرين إلاَّ يومين، حسب ورقة شجرة البرتقال، التي أسجِّل عليها عادة تاريخ البداية.

بقلم: يوسف بن يحي الواهج

الجزائر: 19 جانفي 2023م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق