الثلاثاء، 22 مايو 2018

اليومية الرمضانية 2018م: المقدِّمة 1.


المقدِّمة

    تتحامل بعض الأقلامُ من حينٍ لآخر ظُلما على المزابيين خصوصا، يتَّهمهم أصحابها في ما يكتبون بتهمٍ باطلة لا أساس لها من الصحَّة، تتعلَّق أحيانا بعقيدتهم، وأحيانا بالفقه الشرعي الذي يعتمدونه وما جاء فيه من أحكام شرعية، وأحيانا أخرى بحياتهم الاجتماعية وما يتَّصل بها من عادات وتقاليد وأعراف، وأخرى يُطعنون في وطنيَّتهم، وإخلاصهم وولائهم وحبِّهم للوطن.
    ومن هذه التهم والادِّعاءات ما يصل إلى حدِّ الأسطورة التي لا يمكن أن يصدِّقها العقل، وإلى الفكاهة الخيالية المضحكة؛ والغريب في بعض الناس أنَّهم يصدِّقونها ويروونها لأبنائهم كأنَّها حقائق تاريخية وأحداث واقعية، والأغرب من ذلك أن يصدِّقها العاقل المثقَّف الأكاديمي، ابن القرن العشرين والواحد والعشرين، دون أن يُعمل فكره فيما يسمع، أو يمحِّص ما يصل إليه من ادعاءات بالمنطق والموضوعية.

    وتعدَّدت في ذلك الأساليب، والأقلام، والوسائل، والأشخاص، والأزمان، والمناسبات؛ وكثيرا ما كان يقع التحامل على شكلِ حملات شرسة، يستغربُ المرءُ المنصفُ في أسبابها ودوافعها، والغرضِ منها؛ ويجهل القائم بها، والداعي إليها النتائجَ والفوائدَ التي يجنيها الدينُ والوطنُ والمجتمعُ.
    فلهؤلاء يقول الأستاذ حمُّو محمَّد عيسى النوري: -"وفاتهم أنَّ الميزابي في لباسه القومي، والعمامة، والطاقية البيضاء تجلِّله همَّة لا تهانُ، ويحمله عزم لا يلينُ لذلٍّ، يخوض معركة الحياة الصاخبة بإيمان بالله، وبوعي ومهارة، فهو ملءُ العيون على كراسي الإدارات والمكاتب والجامعات والعيادات وفي ضجيج المصانع والمحرِّكات، وتداريب الثكنات، ويغامر وراء المطامح العليا في أقطار العالم، وكذلك المسلم الحرُّ أينما كان على وجه المعمور في لباسه القومي يحمل نَــفسا متعالية، دونها الأبَّهة القيصرية والشمَم الكسروي، لا تغريه بارقةٌ خلاَّبة من بوارق الغرب السفيه في الأفكار والاتجاهات والفلسفة."-
    وأكثرُ الظلمِ إيلاما، ذلكَ الذي يصدُر من القريب دينًا، ووطنا، وجوارًا، يتَّهم أمَّة بكاملها، وجزءا كبيرا من الشعبِ الجزائري بالخيانة الوطنية، والغياب عن ميادين الدفاع عن الوطنِ وحماه، وعدم المشاركةِ في الثورة التحريرية، وأكثر من ذلك يتَّهمهم بالتواطؤ أو العمل مع المستعمر ضدَّ الوطن.

حسبهم الله ونعم الوكيل في ظالمهم وشانئهم

    والمجتمع المزابي كعادته وديدنه، يقول كلمتَه الحقَّ، ويعملُ ما يمليه عليه واجبُه الدينيُّ أوَّلا وقبل كلِّ شيء، نصرة للحقِّ، وإعلاءَ لكلمةِ الله، وما يفرضه عليه واجبه الوطنيُّ والاجتماعي؛ لا ينتظرُ جزاءً ولا شُكورا، لا من شخصٍ مهما عظُمَ وعلا شأنُه، ولا من هيئة مَّـــا مهما كان موقعها وكانت هيبتها، إلاَّ ما يرجوه من أجرٍ عند الله تعالى، وطمعا في تحقيق وعده الكريم الصادقِ في قول عزَّ من قائلٍ: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ وقوله: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤمِنِينَ﴾.
    لهذا، لا تَجدُ أحدًا منهم يقفُ أمام الأبوابِ وراءَ الطوابيرِ هنا وهناكَ، يستجدي منحةً أو مكافأةً، أو مصلحة على أداءِ واجبٍ دينيٍّ ووطنيٍّ.
    ولكن أن تتجنَّدَ أقلامٌ بينَ أناملِ أشخاصٍ يحملون شعار كتابة التاريخ الوطنيِّ الجزائري، وفي قلوبهم نيةُ التحريفِ والتزييف والاقصاء والادِّعاء، فهذا ظلمٌ آخرَ لا يجبُ السكوتُ عنه؛ لأنَّه تاريخ وطنٍ كاملٍ يُكتبُ محرَّفا، ويخلِّدُ الظلمَ في حقِّ أناسٍ أبرياء يُغْمَطُ حقُّهم حسدًا وعدوانا.  ...... يَــتـــبع 

مع تحيَّات: يوسف بن يحي الواهج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق