السبت، 26 مايو 2018

اليومية الرمضانية 2018م: الشيخ بيُّوض استراتيجية واستشراف


الشيخ بيُّوض استراتيجية واستشراف

v  نُـــــتَــــابِـــع:

2-    منصَّة الدعوة المنبرية: إلى جانب الفصول الدراسية التي كان يقف فيها الشيخ بيُّوض وطاقمه التربويُّ بمعهد الحياة أمام طلاَّبه يزوِّدهم علما، ويبثُّ فيهم الأخلاق الكريمة، ويملؤهم وطنية ونضالا،؛ كان يجلس في المنبر بالمسجد الرئيسي في البلدة أمام عامَّة الناس (الشعب) كبيرهم وصغيرهم، رجالهم ونسائهم، ينير عقولهم وينمِّي مداركهم بالعلم والمعرفة، ويشحذ هممهم وعزائمهم للنهضة والإصلاح في كلِّ ميادين الحياة، في زمنٍ أغلق الاستعمار كلَّ أبواب العلم والمعرفة والعمل، وقطع أسباب التطوُّر والتقدُّم، حتَّى لا يتحرَّك الشعب للمطالبة بحقوقه، وأولاها حق الحرِّية واسترجاع السيادة الوطنية.
فنال عمومُ الشعب نصيبه من العلوم والمعارف، وعرف ما هي حقوقه، ما اكتسبه وما سُلبَ منه، كما عرف واجباته نحو دينه لنصرته، ونحو وطنه لاسترجاعه، ونحو نفسه لاستنهاضها، وكان الشيخ بذلك يهيِّئ المجتمع (الشعب) للجهاد الأكبر، واحتضان أيِّ حركة صادقة تهبُّ لتحرير الوطن.

فكان كثيرا ما يردِّد مستشهدا في دروسه المسجديَّــة أبياتا من شعر مفدي زكرياء رحمه الله تعالى:

إنَّ الجَـــــــبانَ عَــلَى البِـــــــــــــــلاَدِ مُصِـــــيـــبَـــة

عَــــظُــمت فَــــــيَـا أَرضُ ابـلَــعِـي الجــُـــبَــنــاء

    ثمَّ يقول بعدها: لعلَّ الله تعالى يغفر للشاعر كلَّ ذنب بهذا البيت، الذي اقتبسه من قصيدة رائعة للشاعر الكبير: مفدي زكرياء، جاء ضمن هذا المقطع الذي يفيض وطنية وشجاعة في القصيدة الموسومة بــ: أهلا بنسل الفاتحين ومرحبا.

وَطَــــني بِــــرُوحـــي أَفــــــــتَــديــــكَ ومُــــــهـجَـــــتي

وَدَمــــي الـــــــــشريـــفِ، مَــــــــــــــــــــــبرَّة وَوَفَـــــــــــــــــــــاء
عَــــــهــدٌ عَـــــليَّ مَــدَى الحـــَـــــــــيـــاةِ مُــــــقـــدَّسٌ

يُـــــــــذكِي عُـــــــــــروقِي نَخـــــــــــــــــــــــــــــــوةً وَإِبَـــــــــــــــــــــاء
حَـــــــســـبِـي فَــــــخَــــارًا فِي حَـــــــــــــــــياتِــي أنَّــــني

أَغـــــــدُو عَــــلى وَطَــــــــــــني الــــــــــــعـــزيـــزِ فِـــــــــــداء
وَإِذا الـــفَــــــــــــــــــتَى لَـم يَــــــــرعَ عَــــهــدَ بِـــــــــلادِه

فَــــــــــأقِـــم عَــــلَـــــيهِ مَــــــــــــــــــــــــآتِـــــــــــمًا وَعَــــــــــــــــــــــــزاء
لاَ درَّ درُّ الخَــــــــــائِـــــــــنــينَ وَلاَ غَــــــــــــــــــــــــــفَتْ

عَــــــــــــــــــــــينُ الجــَـــــــــــبَـــانِ المـــستَـــــــميتِ بُــــــــكــاء
إِنَّ الجـــَــــــــــــــــــــبانَ عَــــلَى البِــــــــــلادِ مُــصِـــــــيـبـةٌ

عَـــظُــــمت، فَــــــــيَـا أرضُ ابـــلَــــعِي الجـــُـــــــبَــــناء
وَطَـــــــــني غَـــــرَامُــكَ فِي فُــــــــــــؤَادِي خَـــــــــالــــدٌ

مَــــــــلأَ الجَـــــــــــــــــــوانِـــــــــــحَ رَوعَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــةً وَرُوَاء
أَرْسَــــــلتُ فِـــــــيكَ إلَى الخــُـــــــلـــودِ قَـــصائِــدي

مِـــــــــــــــثـــــلَ المجَـــــــــــــــــــــرَّةِ وَفـــــــــــــــــــــــــــرَةً وَسَــــــــــــــــنـــاء
وَسَكبتُ فِـــيكَ عَــلى الـــقَريــضِ مَـدامِعي

قِــــــــــــــطَــعا تــــــَلــــهَّبُ في الـــــــــفَـــــضاءِ ضِــــــــــيَاء

    وبهذه الدروس المنبرية المسجدية التي كان يلقيها الشيخ هنا وهناك، في مدن مزاب، وكثير من مدن الشمال والجنوب والشرق من القطر الجزائري الكبير، قلتُ بهذه الدروس أصبح الشعب المزابي كلُّه مهيَّئا للمشاركة في الثورة التحريرية الجزائرية، والبذل في سبيلها بالنفسِ والمال.
    مع العلم أنَّ هذه الدروس المنبرية أو المسجدية، كانت موجَّهة للرجال وللنساء على السواء لنشر الوعي السياسي والوطني بين جميع أطياف المجتمع، إضافة إلى الوعي الاجتماعي والديني، ليتكامل تحضير المجتمع لليوم الوطني الأكبر من كلِّ الجوانب، فلا يتخلَّى فردٌ من المجتمع -ذكرا كان أو أنثى- عن واجبه الوطني، ولا ينحرف منهم أحدٌ عن بثورته عن الحقِّ والعدل، إلى الظلم والاستبداد.       .... يَـــتــبَع:

بقلم: يوسف بن يحي الواهج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق