المدارس مصانع الوطنية في مزاب
ثالثا: دار البعثات العلمية المزابية بتونس:
v نُــــــــتَابِـــع:

فكان أبناء
البعثة العلمية المزابية المناضلين المخلصين الأكفاء تحت لواء جبهة التحرير الوطني
بكلِّ الوسائل النضالية، والطرف المختلفة للمقاومة، وكانت بهم وبمسؤوليهم دار
البعثات العلميَّة تلك معسكر تكوين وكفاح وتدريب، وتعليمٍ وتخريجٍ للكفاءات
المجاهدة.
وفي الدار،
واصل الطلبة تناغمهم وعزفهم مع الفكر الإصلاحي الذي تلقَّوه في معهد الحياة ودار
البعثات العلمية بالقرارة، فألَّفوا القصائد الشعرية العصماء، والأناشيد الوطنية
الصادحة بحبِّ الوطن وحبِّ البذل بالنفس والنفيس في سبيله، وقاموا بتلحين وإنشاد
ما يؤلِّفون في الدار بصوتٍ مرتفعٍ، لا يخشون الاحتلال وقوَّته وجبروته.
وفي تلك
الدار، دبِّجت المئات من المقالات النارية، والبحوث والتحقيقات العميقة الخاصَّة
بالجزائر وطنا وشعبا وتاريخا، لتثبيت أحقِّية الجزائر في الاستقلال، واسترجاع
السيادة الوطنية لأهلها، وقد نُشْر الكثير من هذه المقالات والقصائد والتحقيقات في
العديد من المجلات والجرائدِ والمناشير من الصحافة التونسية المساندة والمؤيِّدة
للقضيَّة الجزائرية.
وفي تلكَ
الدار، وضمن مشروع القائمين على البعثات العلمية المزابية التربويِّ التكويني،
التقى الطلبة بعدَّة مسؤولين قيَّاديين كبار من الصفوف الأولى للثورة التحريرية،
بدعوة من مسؤولي البعثة، منهم على سبيل المثال:
-
العقيد عمِّروش.
-
بلعيد عبد السلام.
-
سي علاَّل.
إضافة إلى الشخصيات
العلمية، أمثال:
-
الشيخ الطاهر بن عاشور.
-
الشيخ أبو اليقظان إبراهيم.
-
الشيخ بيوض إبراهيم بن عمر.
-
الشاعر الكبير مفدي زكريَّاء.
وغيرهم كثير، لا يحصيم
عدٌّ.
وفي تلك
الدار، كوَّن طلبتها المجموعة الصوتية لأوَّل تسجيل للنشيد الوطني الجزائري
"قَسَمًا"، وإنَّها لمغامرة وشجاعة أقدم عليها طلبة البعثة ومسؤولها؛
قاموا بها لأنَّهم من المناضلين الأوائل في جبهة التحرير الوطني، ضمن الاتحاد
الوطني للطلبة الجزائريين بتونس.
يقول عن هذه
المنقبة للبعثة المزابية بتونس، الأستاذان: الأمين بشيشي، وعبد الرحمن بن حميدة،
صفحة 25 من كتاب: تاريخ ملحمة نشيد قَسَما:
-"اتصل
مفدي أوَّل الأمر بصديقه المحامي التونسي المناضل عمَّار الدخلاوي عليه رحمة الله،
الذي عرف بمواقفه المشرِّفة لصالح القضيَّة الجزائرية، فقد جنَّد نفسه متبرِّعا
للدفاع عن المجاهد الجزائري الشهير مصطفى بن بولعيد أمام المحاكم العسكرية
الفرنسية بتونس بعد إلقاء القبض عليه في الحدود التونسية الليبية عام 1955.
كما تمَّ
الاتصال بالموسيقار التونسي الكبير محمَّد التريكي، تقبَّله الله إلى جواره، قصد
وضع لحن مناسب لنشيد قسما، ثمَّ توجَّه مفدي إلى البعثة التعليمية الجزائرية
بتونس، وجميع عناصرها من منطقة وادي ميزاب، وكان على رأسها آنذاك الأستاذ الدكتور
محمَّد بن عمر العساكر، أطال الله عمره.
قسَّم مفدي
أعضاء البعثة المنقين إلى فوجين، حسب نوعية الأصوات، غليظة وحادَّة، بعد أن شرح
لهم سرَّ المهمَّة، وزَّع عليهم النصَّ ليحفظوه ويستظهروه انتظارا ليوم التسجيل
الذي تمَّ في سرِّية كاملة في مقرِّ البعثة شارع ابن خلدون بالعاصمة التونسية. ...
مثلما تمَّ
الأمر في إنجاز الصيغة الأولى، كان لا بدَّ أن يتمَّ في تونس أيضا، التمرين
والتسجيل في نفس اليوم.
جاء
الموسيقار محمَّد التريكي بألة العود مسبوقا بالأستاذ عمَّار الدخلاوي الذي تكفَّل
شخصيا بالإنجاز على آلة تسجيل يملكها، وتمَّت المأمورية بسلام.
وعاد مفدي
بضالَّته من تونس، أواخر مارس وأوائل أفريل 1956، وسلَّم الأمانة فورا للأخضر رباح
الذي وضعها بدوره بيد عبان رمضان ورفاقه."-
مع تحيَّات: يوسف بن يحي الواهج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق