الجمعة، 23 مارس 2018

lمن ثمرات الكتب: الراشج من كتاب الناصح


الراشح من كتاب الناصح

    أُهدِيَ لي أثناء إحدى سفرياتي كتابٌ قيِّمٌ جدًّا، موسوم بــــــ: "الناصح ممَّا علِّم رشدا"، فتمتَّعتُ بقراءته كاملا من الغلاف إلى الغلاف، فوجدتُ فيه خيرا كثيرا، وهو ما دفعني إلى كتابة هذه الخلاصة الوجيزة عنه، لعلَّ خيره يصل إلى غيري إن شاء الله.
    فقد تعرَّفتُ في بدايته على شخصية العالم الربَّاني، العارف بالله، الشيخ: محمَّد تقي البهجة رحمه الله، المولود ليلة الجمعة 25 شوَّال 1334ه، يوافقه: 25 جويلية 1916م، وكانت تحضرني أثناء قراءة فصل: "حياة طيِّبة" الذي يضمُّ سيرة سماحته، شخصية قطبِ الأئمَّة الشيخ: محمَّد بن يوسف أطفيَّش رحمه الله، للتشابه الكبير في العديد من المحطَّات الحياتية للشيخين، مثل:
-      بشارة والديهما بمولدهما في المنام، وتحقُّق الحلم في الواقع.
-      تيتُّمهما منذ الصغر، فعاش أحدهما يتيم الأب، والثاني يتيم الأم.
-      الموهبة الادراكية المبكِّرة، والذكاء الخارق في تحصيل العلم والمعرفة.
-      النبوغ العلمي، وحصولهما على درجة الاجتهاد في مقتبل عمرهما.
-      الكرامات العديدة التي حباهما الله بها، والمتشابهة أحيانا.
     -"فهناك سؤال يُطرح، هل السير في الطريق إلى الله وحصول المعرفة هو واجب شرعا على المكلَّف أو هو أمر مستحسن؟ فتحصيل المعرفة بحدِّ نصابها أمر واجب، وحدُّ النصاب هو الحدُّ الذي إذا لم يمتلكه فلا يدخل الجنَّة"-  صفحة: 165. 

    كما ازددتُ منه علما كثيرا (أسأل الله تعالى أن ينفعني به) بما ضمَّه الكتاب من برامجَ يومية في حياة الشيخ المباركة، والعديد من رسائله وكتاباته الروحية القيِّمة، منها على سبيل المثال الورقة الثالثة عشر، التي تحمل البرنامج الأسبوعي الذي اقترحه على أحد أبنائه الذي كان في مقتبل العمر، وهو جدير بالقراءة في صفحة: 231.
    ولا بأس أن أنقل هنا نصَّ الورقة الخامسة عشر كاملا لأهمِّيته، ونموذجا لقيمة هذه الأوراق، وللكتاب بصفة عامَّة، وفيها على صفحة 234 من الكتاب:
-"الخامسة عشر:
بسمه تعالى
ليكن همُّك في العمل؛ لا في العلم المجرَّد عن العمل!
لا تترك الاعتدال في شيء من المندوبات، فإنَّه ينتمي إلى الإصابة في البدن والروح.
لا تلاحظ "العدد غير المأثور" وإنَّما عليك "الذكر مع الاقبال والحضور وإدامته ما دام الحضور".
لا تعتنينَّ (تفتتننَّ) بما تراه في "النوم" أو "اليقظة" وإنَّما عليك العمل؛ والخواص الله أعلم بها والاشتغال بتلك الصور يمنعك عن العمل.
في الوساوس تكثر التهليل عن عقيدة كاملة.
لا تتعب نفسك في المندوبات وإنَّما عليك ما يتسهَّل عليك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

    وفي الكتاب ملزمة تحمل محاضرات قيِّمة جدًّا تركِّز خصوصا على العلم والعمل بما يتعلَّم الانسان، والابتلاءات التي تصيب الانسان وما يجب عليه العمل أثناءها، وكيف يحسن المصاب بها التصرُّف فيها؛ وينصح في بعضها أن يتوجَّه الانسان إلى ما يبقى، لا إلى ما يفنى. ﴿وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾.
    وملزمة أخرى، عنوانها: "زهور منثورة من حِكَمه الموجزة". ورد فيها الكثير من الحِكَم البليغة في معانيها، الموجزة في حروفها على نهج جوامع الكلم، ولا يخرج القارئ منها إلاَّ مستفيدا خيرا كثيرا، كما يستفيد من حكمِ لقمان عليه السلام، وحِكَمِ أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب كرَّم الله وجهه.
    ومن حكم الشيخ محمَّد تقيِّ البهجة رحمه الله أختار للقارئ الكريم بعضها:

-"الإحساس بحضور الله في كلِّ حال يحلُّ جميع المشاكل".
-"إذا كان المرء طالبا للهداية ومعرفة الله، وكان جادًّا ومخلصا في الطلب، سيكون الباب والجدار هاديين بإن الله تعالى""-.
-"إنَّ هذا القرآن إكسير يصيِّر النحاس ذهبا".-
-"ويل لنا إن جعلنا المعنويَّة والروحانيَّة مقدِّمة ووسيلة نتوصَّل بها إلى المادِّيات والفانيات!"-.
-"العالَم الجسماني بناء مسقَّف، وأهل التوحيد يرونه مكشوفا"-.

    وخُــتِم الكتاب بفصلين مفيدين جدًّا، يعالجان الكثير من مشاكل الانسان المعاصر؛ يحمل الأوَّل توصيات راقية لقضاء الحوائج، كــــ:
-       توصيةٍ للحفظ والوقاية.
-       وتوصيةِ أداء الدَين وزيادة الرزق.
-       وتوصيةٍ لهداية الأولاد..... وغيرها كثير.
    أمَّا الفصل الثاني، فيجيب فيه الشيخ على الأسئلة الشرعية والاجتماعية والنفسية والصحِّية لطلاَّبه ومحبِّيه وكلِّ راغب في الاستنارة المعرفية؛ ويقدِّم فيها حلولا لكلِّ تلك الإشكالات من منطلق ديني روحيٍّ شرعي.
    مِن هذه الأسئلة على سبيل المثال:
-      طريق معرفة الله.
-      طريق تهذيب النفس.
-      علاج الكسل في العبادة.
-      علاج الرذائل النفسية.
-      علاج سوء الظنِّ.
-       علاج السجين البريء.

    بهذه الأجوبة الشرعية المتطرِّقة لكل جوانب حياة المسلم، التي تعترضه في الليل والنهار، أصل إلى نهاية الكتاب قراءة ومطالعة.
    أسأل الله تعالى أن ينفعني بما تحصَّلتُ عليه من علمٍ ومعرفةٍ، ويجزي كاتب وناشر الكتاب، والذي أهدانيه خير الجزاء. إنَّه غنيٌّ كريم حميد.

بقلم: يوسف بن يحي الواهج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق