بسم الله الرحمن الرحيم
حمدا وصلاة وسلاما
رسالة مفتوحة إلى الأستاذ: سليمان أبو الربيع الجزائري
الجزائر: 22 فيفري 2017م
الأستاذ
الفاضل: سليمان أبو الربيع الجزائري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد:

-"لا
أعرفُ كيف تذكَّرتُ فجأة الجريمة المنظَّمة والتي اقتُرفتْ في حقِّي ذات ثمانينات
لمــَّــا وضعوني مكبَّلا وراء كنتوار الجهل"-
وقد تأثَّرتُ
بعبارتينِ وردتا في هذه الفقرة، وهما:
-
الجريمة المنظَّمة.
-
كنتوار الجهل.
ولكنَّني
أبدأ حديثي بالعبارة الثانية "كنتوار الجهل" لثقلها وفظاعتها،
وقد أعود يوما إلى العبارة الأخرى "الجريمة المنظَّمة". فأقول
لكم فضيلة الأستاذ سليمان أبو الربيع الجزائري:
لا يا أخي،
لقد تسرَّعتم في إطلاق هذا الوصف الظالم على الكنتوار (التجارة)، ولمــَّا
قرأتُ منشوركم هذا تبادر إلى ذهني قول الله تعالى: ﴿أَحَلَّ اللهُ البَيْعَ
وحرَّم الرِبَا﴾ فوجدتُ أنَّ البيعَ هو العملُ أو الوظيفةُ أو المهنة الوحيدة
التي صرَّح الله تعالى لها بالحلِّية.
كما تبادر
إلى ذهني أيضا قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المـــــُـــؤْمِـنِينَ
أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّة﴾ فوجدتُ كأنَّ الله
تعالى قد وضع كنتوارا ليبيعَ لنا الجنَّة، ويشتريَ من عندنا الأنفس والأموال.
(ولله المثل الأعلى).
كما تبادر
إلى ذهني سفر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، بمال السيِّدة الفاضلة: خديجة بنت
خويلد رضي الله عنها للتجارة.
كما ترادفتْ
أمام ناظرَيَّ المعلومات التي تراكمت في رصيدي المعرفي عن صحابةً أفاضلَ، وعلماء
أجلاَّء خلَّدهم التاريخ على صفحات سجلِّه الذهبيِّ،، عمِلوا في التجارة (الكنتوار)،
دونَ أن يعوقهم عن العلمِ وطلبِه وخدمته، حتَّى أصبحوا في سماء العلمِ والمعرفةِ
بدورا ونجوما نوَّروا العالَــم وساهموا في تطوُّره، وأذكر منهم على سبيل المثال
لا الحصر، عيِّناتٍ لا شكَّ أنَّكم تعرفونها، وتعرفون غيرها كثير.
-
عبد الرحمان بن عوف رضي الله
عنه، من كبار الصحابة عند رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وهو في نفسِ الوقتِ من
كبار التجَّار الذين خدموا الاسلام والمسلمين.
-
مفدي زكريَّـاء، شاعر
الجزائر، والصوت الصادح لثورتها المباركة، لا يعادله في ذلك إلاَّ صوت المذيع
الخالد المرحوم: عيسى مسعودي، كان تاجرا وشارع لالير (بوزرينة أحمد) بالعاصمة يشهد
بذلك.
-
الشيخ عبد الرحمان بن عمر بكلِّي، بدأ حياته تاجرا بمدينة عين الدفلة، قبل أن يتبوَّأ منابر التدريس
والارشاد؛ كما بدأتموها أنتم أستاذ سليمان في سطيف وفرجيوة وغيرهما.
وإن
شئتم المزيد، فعودوا غلى المصادر من الكتب العديدة في هذا الموضوع، أو زوروا
الشبكة العنكبوتية على موقع ﭬُـوﭬـَل، فإنَّكم لن تخرجوا خاويَي الوطاب إن شاء
الله.
ولا تنسَوا أستاذ
أنَّ الكنتوار (التجارة) إن لم يمنحكم العلمَ في تخصُّص التجارة، أو لم
يمنحكم فرصةً للتعلُّمِ في تخصُّصاتٍ أخرى، فهو بدون شكٍّ يمنحكم المال الحلال
الذي به، وليسَ بغيره تتمكَّنُون من الجلوسِ في فصول الدراسة، أمام الأساتذة
والمشائخ والعلماء، وأكاد أجزمُ يا أخي العزيز أنَّ الكنتوار هو الذي
علَّمكم، وملأكم خبرة وتجربةً، وغمركَم بعلاقات واسعة، حتَّى أصبحتم أبا الربيع
الذي نعرفه، يصول ويجول في الفضاءات العنكبوتية على اختلاف منابرها.
فكيف يكون
الكنتوار: كنتوار الجهل، وأنتم أحد خرِّيجيه؟!.
أخيرا أستاذ سليمان، أخاف أن يكون لفقرتكم على قلَّة
كلماتها، ظلمٌ كبيرٌ في حقِّ الكنتوار الذي كان ولا يزال له دورٌ عظيم، كما
هي ظلمٌ أكبر في حقِّ العلماء والمشائخ الذين تخرَّجوا أو تتدرَّجوا فيه، وهي أيضا
إضفاء صورة مشوَّهة عن الكنتوار لدى الأجيال الناشئة.
أخيرا أستاذ
سليمان، هذه كلمات أدافع بها عن الكنتوار الذي تتهمُّونه بالجهل، وكلِّي
رجاء أن نجد منكم إنصافا له، فهو أي الكنتوار ذو فضل عليكم وعليَّ وعلى
خلقٍ كثير.
تحياتي لكم صادقة، ودعواتي خالصة، ويبقى الود بيننا
خالدا صافيا.
أخوكم ومحبُّكم في الله: يوسف بن يحي الواهج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق