الثلاثاء، 28 مارس 2017

شؤون اجتماعية: آداب الولائم والمآدب في مجتمعنا

في موسم الأعراس: آداب الولائم والمآدب في مجتمعنا

    ملاحظات واقتراح:

    في موسم الأفراح من فصل الربيع هذا، حضرتُ العديد من الأعراس وشرِّفتُ بالدعوة إلى ولائمها، إضافة إلى دعوات أخرى موازية لمآدب الكرمِ والضيافة على شرف زوَّارٍ وفدوا على بلدتنا الطيِّبة الحاتمية ضيوفا وسوَّاحا.
    وأحصيتُ منها خلال هذا الموسم ما يزيد على الأربعين وليمة ومأدبة، حضرتُ بعضها، فسجَّلتُ خلالها بعض الملاحظات السلبية، التي آلمني وجودها في المجتمع، باعتباره مجتمعا مسلما أوَّلا، وعريق في الكرمِ والضيافة واستقبال الوفود العديدة من مختلفِ المستويات والثقافات ثانيا، وله تقاليد وأعراف راسخة في ترتيب وتنظيم اللائم والمآدب الكبيرة.
    وهذا ما دفعني إلى إطلاق هذه الصرخة، ودقِّ ناقوسِ الخطر، لأقولَ لمجتمعي وأمَّتي وبني جلدتي: إنَّ الأمر إذا استمرَّ على هذا الحال، وسكتَ عنه الكبار والعقلاء والوجهاء، فسنـفقد جانبًا بارزا من الجوانب الحضارية التي تتميَّز به منطقتنا، وكانت به مثلا وقدوة لكثير من المجتمعات المحيطة بنا.

    ومن هذه الملاحظات السلبية التي توقَّفتُ عندها مندهشا، أذكر على سبيل المثال:

-       غيابُ شخصيةٍ مكلَّـفة من صاحبِ العرسِ أو الوليمة، تَستقبل الوافدين من الضيوف وسائر المدعوِّين، ليجلسَ كلٌّ منهم مجلسَه حسبَ مكانته ومقامه.
-       عدمُ التزام الشباب المجنَّد من طرفِ أصحابِ الولائم والمآدب، بهندامٍ لائقٍ بخدمةِ الضيوفِ من المشائخ والأساتذة، وأعضاء حلقة العزابة، فليسَ من المروءة أن يتجوَّل بين صفوف الضيوف ونخبة الأمَّة شباب بلباس غير محترم، وتسريحات شعرٍ مستوردة، وغير ذلك من مشينات الشخصية الرجولية المزابية ...
-       عدمُ احترام الأولوية التي يعطيها العرفُ وحسنُ الخلقِ والتربية الاسلامية التي نشأنا وتربَّــــينا عليها، لنخبة الأمَّـة وخيارها، وذوي المكانة العلمية، وكبار السنِّ، في وضعِ الموائد وسطَ حلقات الأكلِ (تِيقِيمِيتِينْ)، ووضعِ صحونِ أطباق الأكل.
-       تقديمُ المشروباتِ كالماء والحليب والعصائر وغيرها، في كؤوس بلاستيكية أو ورقية le jetable  لضيوف وشخصيات لهم مكانتهم وقدرهم في المجتمع.
-       الاستغناء عن المناديل أو ما نسمِّية (طوال سيري) toile séries التي كان الأوائل إلى عهد قريب يحرصون على استعماله ووضعه تحت الموائد ليحفظ فتات الخبر وتساقطات المأكولات عن السقوط على الأرض، وحمايةً لها أن تُداسَ بالأقدام.
-       غياب صاحبِ المأدبة (المآدب خاصَّة) عن المشهد عند خروجِ المدعوِّين لتوديعهم، وشكرهم على تلبيتهم دعوته، والدعاء لهم.
    لا أقصد الاتيان هنا بكلِّ الملاحظات السلبية عن الاتيكيت أو الآداب التي رسخت في مجتمعنا، فهي أكثر من أن يحصيها مقال واحد، إنَّما أردتُ فقط الاشارة إلى انحدار سريع خطير لأعرافَ وتقاليد وسيرٍ توارثتها الأجيال أبا عن جدٍّ حتى غدَتْ لعهودٍ وعقود جزءا من الشخصية المزابية المؤصَّلة بالكتاب والسنة.

    الاقتراح:

    وبالمناسبة، أقترح على الجمعيات المحلِّية المختلفة، والأفواج الكشفية على كثرتها، الالتفاتَ إلى هذا الجانب من الحياة الاجتماعية، والقيام بجهدٍ من أجل بعثِ ما اندثر من هذه القيم، والحفاظ على ما بقي منها حيًّا، ولمَ لا تكوين نخبة أو مجموعات من الشباب، يقومون هم بأنفسهم على مثل هذه المهامّ.


بقلم: يوسف بن يحي الواهج

هناك تعليق واحد:

  1. ولا ننسى "لَليَانْ" الابريق وما يتبعه ـ الذي غاب تماما ـ ليتسنى للضيوف غسل ايديهم قبل وبعد الوليمة خاصة للكبار منهم والضيوف المميزين ... بوركتم في طرح الموضوع نرجو أن تكون هنالك أذان صاغية وقلوب واعية للعودة إلى العرف والتقاليد والأصالة .

    ردحذف