عروس المجالس
v المولد والنسب والنشأة:
هو الفاضل
المناضل: رمضان بن سعيد بن عمر بابا عدُّون، من عشيرة: آل باكَّة،
أمُّه السيِّدة الفاضلة: عائشة بنت عيسى الحاج محمَّد.
ولد في يوم:
الجمعة 10 ذو القعدة 1363ه، الموافق ليوم: 27 ديسمبر 1944م، بمدينة العطف
(تَجْنِينْتْ)، ولاية غرداية.
وفي مسقط
رأسه، نشأ وترعرع في كنف والديه الصالحين المستقيمين الحريصين على تربية أبنائهما
على الإسلام الصحيح، على الحقِّ والاستقامة.
v الدراسة:
بدأ دراسته مثله مثل أبناء جيله في المحضرة (الكتَّاب) حيث حفظ ما تيسَّر من القرآن الكريم على يد الشيخ: أحمد بن الحاج يحي بكلِّي (رحمه الله)؛ ولـمَّا بلغ سنَّ التمدرس التحق بمدرسة النهضة حيث تتلمذ على يد الشيخ: محمَّد بن إبراهيم سعيد "كعباش" (حفظه الله) فواصل على يديه حفظ القرآن الكريم، وتعلَّم مبادئ اللغة العربية، والفقه الإسلامي، والأدب العربي، وبالمدرسة الفرنسية اكتسب مبادئ اللغة الفرنسية وفنونها والحساب، وبعض المعلومات في التاريخ الفرنسي والجغرافيا، على أساتذة فرنسيِّين، منهم: Bernar، وArment، وRenie. (إن شاء الله أكون قد كتبت الأسماء صحيحة).
v العمل:
وفي سنة 1957م، رغب في قضاء العطلة في قسنطينة
كما العام الماضي، فرافق أخاه بنية الراحة والاستجمام وقضاء عطلة مريحة كالتي
سبقتها، ثمَّ العودة إلى الدراسة مرَّة أخرى؛ ولكن قُبضَ عليه للعمل (كما يقول
رحمه الله)، فقضى عاملا تحت إشراف شقيقه في المحلِّ المتخصِّص في الموادِّ
الغذائية إلى غاية جويلية من سنة 1959م.
ومنها انتقل
إلى مدينة "عين البيضاء" ليعمل في تجارة الأقمشة من سنة 1959م،
إلى سنة 1969م، وخلال تلك العشر سنوات التي قضاها هناك، اشتدَّ عوده، وتفتَّقت
مواهبه، وتجلَّت قدُراتُه، واتسعت مداركه، ففقِهَ عمل التجارة واعتُمدَ عليه في
الكنتوار (comptoir)، ومعاملة
الزبائن، والإشراف على ترتيب وتسيير المحلِّ، فتعلَّم أحكام ونُظُم التجارة، وحفظ
أنواع وأسرار الأقمشة، وغير ذلك من أحوال التجارة.
هذا إضافة
إلى الاشراف على المطبخ وتحضير الأكل للعمَّال ورؤساء العمل بشكل يوميٍّ، فأتقن
عمله في المطبخ، ما جعله محطَّ إعجابٍ من رؤسائه في المحلِّ الذي يعمل فيه، ورؤساء
المحلاَّت المزابية المنتشرة في مدينة عين البيضاء، وحتَّى الضيوف وعابري السبيل
المتردِّين على المحلِّ من حين لآخر.
ولـمَّا فكَّر صاحبُ إحدى المحلاَّت في تنظيم
مسابقة بين طبَّاخي المحلاَّت بمناسبة شهر رمضان المبارك، انخرط "رمضان بابا
عدُّون" في المسابقة، ملتزما بشروطها التي كانت:
-
أن تكون المائدة كاملة حسب العرف الجاري عليه العمل عند المزابيين.
-
أن لا يتكرَّر الطبق الرئيسي في الوجبة خلال كامل الشهر الفضيل.
-
أن لا يتأخَّر تحضير المائدة عن وقتها.
فكان نصيبهُ في المسابقة بعد رمضان، الفوز
بالمرتبة الأولى بين أحد عشر طبَّاخًا، في أحدَ عشر محلاًّ بالمدينة، وكان الحكَم
فيها السيِّد: لقَّـاف الحاج صالح، أمَّا الجائزة فكانت عبارة عن: "قطعة
قماش من نوع الترﭬـال الفاخر"، وهي جائزة قيِّمة فاخرة في ذلك الزمن لدى
ذلك الجيل.
وقبل أن
يغادر البلدة "عين البيضاء"، تزوَّج خلال سنة 1966م، في مدينة
العطف، بإحدى كريماتها.
وفي سنة 1970م، انتقل إلى مدينة "سكيكدة" واشتغل في تجارة القماش أيضا، عند رجل صالحٍ ظلَّ يذكره بخير ويترحَّم عليه، هو: إبراهيم بن الحاج أحمد بهون (رحمه الله)، تعلَّم منه كثيرا، وحفظ له حقوقه كاملة، ولم يغادره إلاَّ لرعاية والده في مسقط رأسه العطف عندما ألـمَّ بها مرضٌ سنة 1976م، حيث مكث لديها سنة كاملة.
وأثناء ذلك،
اقترح عليه أحدهم عملا متميِّزا، تمنَّى فيه مكسبا كبيرا، وانتظر منه تحوُّلا
وتطوُّرا فارقا يغيِّر حياته، ويرفعه إلى مصاف وزمر الأغنياء والأثرياء، ولكن لـمَّا
استأذن والدته للسفر بعد استعادة صحَّتها، سألته:
-
مع من ستشتغل يا ولدي.
أجابها قائلا:
-
مع فلان يا أمِّي.
وما أن سمعَت اسمَ صاحب
العمل، حتَّى فاجأته بالرفض القاطع أن يعمل مع ذلك الشخص، فلـم يكن له بدٌّ إلاَّ
أن يقول:
-
سمعا وطاعة يا أمِّي. وهو الولد البارُّ الصادق بوالدته.
وفي سنة 1977م، انتقل إلى العاصمة ليشتغل في القماش دائما، عند الرجل الخيِّر الفاضل، السيِّد: حاجُّو بن الحاج سليمان بكلِّي (رحمه الله)، واستقر به الحال هناك إلى غاية سنة 1997م، سنة تقاعده بعد عشرين عاما في الجزائر العاصمة.
v نشاطه الثقافي والاجتماعي:
عرفتُ المرحوم: رمضان بابا عدُّون في
بداية الثمانينات من القرن الماضي (القرن العشرين)، ضمن نخبة من الشباب المهتمِّ
بالثقافة والأدب وفنِّ الانشاد، وهم الفتية الذين كانوا النواة الأولى لتأسيس "جمعية
نجم الأدب الإسلامي" بالجزائر، أمثال:
-
عمر بن يحي داودي.
-
إسماعيل بن بكير الحاج أمحمَّد.
-
حمَّو بن قاسم الحاج إبراهيم.
-
مصطفى بن قاسم الحاج إبراهيم.
-
حمُّو بن داود عبد العزيز. (كنتر). .... وغيرهم.
أستسمح من نسيتُ ذكر
اسمه.
وكان القائد
الجامع لهؤلاء الشباب، والمحرِّك والمنظِّم الرئيسي لهذه اللقاءات الأدبية الجميلة
الراقية الرائعة، فلم يكن من النخبة تلك إلاَّ أن تتَّخذه رئيسا للجمعية "نجم
الأدب الإسلامي" منذ أوَّل يومٍ من تأسيسها، ثمَّ رئيسا رسميًّا لها عند
اعتمادها الرسمي في ولاية الجزائر سنة 1983م.
هنا تعرَّفت
على الأستاذ: رمضان بابا عدُّون بشكل جيِّد، بحكم الانضمام إلى الجمعية منذ
بداياتها، وبحكم الجوار في العمل والسكن، وبحكم التماثل في نوعية التجارة التي فتحت
لنا مجال التعامل والمعاملة.
فأشهد صادقا،
بشهادات عيان، أنَّ المرحوم رمضان كانت فيه صفات وخلالا وأخلاقا يفتقدها المجتمع
في أجيال هذا الزمن، فقد كان رحمه الله:
-
عصاميَّ التكوين العلمي والثقافي.
-
يحبُّ الكتابَ واقتناء الكتب.
-
شغوفا بالمطالعة والقراءة وتوثيق المعلومة.
-
يألفُ ويؤلف بحسن المعاملة.
-
دمثَ الأخلاق، يقدِّر العلم والعلماء.
-
يحبُّ الشباب ويجمع شملهم ويشجِّعهم.
-
واسع القلب، متواضعا، وفيًّا.
-
يحبُّ الخير للناس جميعا.
-
يحمل همَّ أمَّته، فضلا عن همِّ بلدته وعشيرته.
-
حريصا على صلة أرحامه، والترحُّم عليهم.
-
كثيرَ البرِّ بوالديه ورعايته الكاملة لهما.
إنَّها صفات لا يحصيها قلَم،
ولا يعدُّها إحصاء، ولا يجمعها حساب.
وبعد تقاعده
وقعوده في مسقط رأسه، لـم ينزوِ في ركنٍ من بيته، ولـم يتخذ له مقعدا في دكاكين
الشوارع والساحات كما يفعل بعض المتقاعدين القادرين، بل تجنَّد في عشيرته ضمن
شبابها وكبارها وأعيانها، يخدمها ويخدم مصالحها بصدق وإخلاصٍ محتسبا أجره عند الله
تعالى.
وكان آخر اهتماماته
في السنوات الأخيرة من حياته بالأنساب، ابتداء من نسبه العائلي، فعشيرته، ووجد
نفسه منساقا بشكلٍ انسيابيٍّ إلى شبكة أو شبكات الأنساب التي تجمع كلَّ المجتمع
العطفاوي، وربَّما حتَّى المناطق الأخرى من مزاب والجزائر.
هذا، إضافة إلى تجارة اتخذها شغلا له وللسيِّدة حرمه الفاضلة أكثر منها مكسبا ومربحا، لأنَّه لـم يألف القعود في فراغٍ لا خير ولا نفع فيه.
ختاما، هذه
بسطة عن حياة الفقيد: رمضان بابا عدُّون رحمه الله، وثَّقتها منه مباشرة
أثناء زيارتي له رفقة الأخوين الكريمين: عمر بن يحي داودي، والدكتور صالح بن عمر
دبُّـوز، وذلك يوم: الإثنين 03 جانفي 2022م، بيته بالعطف (تجنِينْتْ)، أرجو أن
أكون بها قد أفدتُ بها أهله وأهل عشيرته وبلدته، وزملائي أعضاء جمعية نجم الأدب
الاسلامي.
بريان: 30 أكتوبر 2022م
بقي في العاصمة إلى غاية 1999 وليس 1977
ردحذف