الحاج أحمد بن موسى قلُّو
"عُمَرُ" القرن
العشرين
كان رحمه يذكِّرني دائما بالفاروق سيِّدنا عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، عندما يقف بكلِّ جرأة وشجاعة أمام منكر يُرتكَب أمامه، ولا يهمُّه من كان الفاعل، كبيرا أو صغيرا، ذكرا أو أنثى، عنيًّا أو فقيرا، كانت المشاهد تلك كتلك التي نقرأها في التاريخ الإسلامي عن عمر، إلاَّ الدرَّة كان الحاج أحمد قلُّو لا يحملها.
فقد كانت هيبته، وشجاعته، وجسارته تغني عن
كلِّ درَة واللهِ، آتـاه الله في شخصه مهابة، وصرامة، وحزما، وعزَّة نفسٍ تجعل
المرء أمامه لا يقوى إلاَّ على الامتثال لأمره، أو نهيه، إن في المسجد، أو في
الشارع، أو في المدرسة، أو في أيِّ مكان حلَّ فيه، فهو الذي كان يعمل بصدق وعزم
وحزم بقول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: -"مَن رأى منكم منكرا
فليغيِّره بيده، فإن لـم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف
الإيمان"-.
ولا شكَّ أنَّه كان يخاف من وعيد الله تعالى
للمتقاعدين عن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: -"لَتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليسلِّــطنَّ الله عليكم شراركم فيدعو خيارُكم فلا يستجاب لهم"-.
وأعتقد، أنَّ الحاج أحمد
قلُّـو (رحمه الله) لو أدرك زماننا هذا، وشهد أحوال شوارع بلدتنا، لكان منه أحد
الموقفين: أن تكون له القدرة على تنظيف البلدة ممَّا يشينها. أو أن
يعتزل في بيته ويغلق على نفسه بابه، كما فعل من قبل الشيخ عبد العزيز الثميني (رحمه
الله).
إضافة إلى هذه المكرمة النادرة في مجتمعنا هذه
الأيَّام، كان من عمَّار المسجد، بإمامة الناس للصلاة، وقيام شهر رمضان المبارك، وتصدُّر
مجالس التلاوة الجماعية للقرآن الكريم، هذه المجالس التلاويَّة الجماعية التي
أصبحت لا تُعجب ولا تُرضي بعض الناس، ويشتاق إليها الكثير منهم مثلي.
كما كان عالما وخبيرا في
علم المواريث، ومرجع المجتمع في شؤون تقسيم التركات، وحلِّ الكثير من إشكالاتها
ومشاكلها.
وعرفناه أيضا متصدِّر
الجموع البشرية في العديد من المناسبات الاجتماعية والدينية، كالعيدين، والمولد
النبويِّ الشريف، وتويع وفود الرحمن إلى البقاع المقدَّسة، واستقبالهم عند عودتهم،
وفي عيد الزيارة "أَزَّيَّــارتْ" الربيعية.
وفي حلقة العزَّابة عُـيِّن
نائبَ الإمام الشيخ صالح بن يحي الطالب باحمد، ووكيل أوقاف المسجد، فقام بمهامِّه
أحسن قيام. وفي عشيرته كان من أعيانها العاملين بنشاط وعزيمة.
علَّم بالتلقين كما
بالقدوة أبناء البلدة لعدَّة سنوات، ابتداء بالمحضرة، فمدرسة الفتح، معلِّما
للقرآن الكريم، فكان كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: _"خَيركم
من تعلَّم القرآن وعلَّمه"-.
ولد الحاج أحمد بن موسى قلو: خلال سنة 1340ه/1922م، وتوفِّي يوم 22
جويلية 1996م.
رحمك الله يا معلَّم الناسِ الخيرَ يوم ولدْتَ، ويوم رحَلتَ، ويوم
تبعثُ حيًّـا
بقلم: يوسف بن يحي الواهج
بريان
05 أكتوبر 2022م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق