بريان: 13 شعبان 1443ه / يوافقه: 16 مارس 2022م
إلى أستاذي
وقدوتي: الشيخ صالح بن باحمد حدبون.
السلام عليكم ورحمة الله
حفظكم الله،
ورعاكم، وعجَّل شفاءكم، آمين.
تصدمني الأخبار من حين لآخر أنَّ مرضا ألـمَّ بكم، أو ظلما آلمكم، أو سوءا اعتراكم؛ وفي كلِّ مرَّة وحينٍ أكذِّبُ الخبرَ وأرفضه، كما كذَّب عمر بن الخطَّاب (رضي الله عنه) خبر وفاة رسول الله عليه السلام ورفضه، ولا زلتُ كذلك، واسائل نفسي عند كلِّ خبر:
أيمرض من
عاش عمرَه "حياة مع القرآن" ؟!
وإن حدثَ
وزاره مرض -كما كلِّ البشر- فلا يتعدَّى ألمـُه البدنَ، أمَّا النفس والروح فهما قد
امتلأتا بالقرآن الكريم، الذي ملأ صدره حتَّى صارت الأنفاس التي تصدر منه من نفحات
القرآن، وعمَّ بدنه حتَّى صار نسيجَ خلاياه من آي القرآن؛ ومن كان لحمُه ودمُه
ونفسُه من القرآن صار في حفظ الله تعالى كما يحفظ القرآن: ﴿إِنَّـا نَحْنُ
نَزَّلْنَـا الذِكْـرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَـافِظُونَ﴾.
وعند الظلم أتساءل، أَيظلم أحدٌ أباه؟!
أيُظلم من كان الأب الروحي للعشرات بل المئات من الطلبة، وجدوا فيه كلَّ صفات الأبوَّة التي تتمتَّع بها البنوَّة من الحنان الدافئ، والنصح الصادق، والدعاء الخالص. فظلمُ مثــــلِــه عقوق لا يقل عن كبيرةِ عقوق الوالدين.
ألا شُلَّت
يمين أرادت بكم ظلما، وقُطعت ألسُنٌ قالت فيكم سوءا.
أستاذي
وقدوتي: كنتم ولا زلتم لنا القدوة والمثَل في الحبِّ والوفاء والإخلاص، بما
عرفناه عنكم خلال مساركم ومسيرتكم القرآنية النيِّرة مع فضيلة الإمام الشيخ بيُّوض
رحمه الله، وهي لـعَمري "حياة مع القرآن" بصدق، تقرؤون آياته على
الشيخ عند تحضيره دروس التفسير، وتخطُّونها بيمينكم عند توثيقها على القرطاس.
وبما عرفناه
من خلال رسائلكم القيِّمة إلى الشيخ بيُّوض، المفعمة بالحبِّ والبر والإحسان والتقدير
والاحترام، إذا أبعدتكم عنه ظروف ضرورية قاهرة، كالخدمة الوطنيَّة، ورحلة أداء مناسك
الحج، وفيها من المشاعر والعواطف النبيلة أكثر ممَّا يحمله قلب الابن نحو والديه.
منها على سبيل المثال ما جاء في إحدى رسائلكم إليه: -"صاحب الفضل
والفضيلة، أبي الروحي، وأستاذي الجليل، وإمامي العظيم، وحبِّي العزيز، فضيلة الشيخ
بيُّوض إبراهيم بن عمر، أفرغ الله عليكم وعلينا صبرا، وثبَّت أقدامكم وأقدامنا،
ونصركم وإيَّاي على القوم الكافرين.
السلام عليكم
ورحمة الله تعالى وبركاته. من محبِّكم على الدوام ابنكم الروحي؛ صالح أحمد
حدبون..."-1
ومقابل ذلك
كنتم محظوظا من الشيخ بيُّوض رحمه بعاطفة أبويَّة صادقة، ومحبَّة منه قويَّة،
وتقدير صادق لوفائكم وإخلاصكم له، كما يقول في إحدى رسائله إليكم: -"عزيزي
صالح أحمد حدبون؛ أصلح الله حاله ومآله، وبلَّغه في الدارين آماله. سلام عليك
ورحمة الله وبركاته.
من أبيك
الروحي بيُّوض إبراهيم الذي يحمل لك في قلبه من الحبِّ في الله، والتقدير لوفائك
وإخلاصك له ولِـما قمتَ به من تضحيات في سبيل إسعاده، وإعانته في شيخوخته وضعفِه،
ما الله وحده هو العليم به.
وهو وحده
الذي يجازيك عليه أفضل الجزاء لأنَّك لا تريد به إلاَّ وجهه، ولستَ تريد مـنَّـا
جزاء ولا شكـورًا."-2
فطوبى لكم
أستاذي بما قدَّمتم لشيخكم الفاضل، شيخ الأمَّة وإمامها من خدمةٍ ومحبَّةٍ وإخلاصٍ،
وطوبى لكم بتلك الدعوات الصادقة من الشيخ رحمه الله، وما عند الله خير وأبقى.
وقد حباكم
الله بملازمة العلاَّمة قائد الحركة الإصلاحية في جنوب الجزائر بلا منازع، فكنتم
له الكاتب الأمين، وحافظ أسراره الكتوم، والابن البار، والسند المتين، والخادم
الوفيَّ الصادق الناصح.
فكأنَّكم
أستاذي للشيخ بيُّوض كسيِّدنا عليِّ بن أبي طالب لرسول الله صلَّى الله عليه
وسلَّم، ذاك مدينة العلم، وهذا بابها.
أستاذي الكريم: لا زلتُ وسأبقى أفتخر وأتشرَّف بأبوَّتكم الروحية لي، أُكنُّ لكم الحبَّ والتقدير والاحترام، وأدعو لكم دائما بالخير والصحَّة والعافية، وحسن القبول عند الله تعالى.
تلميذكم البار: يوسف بن يحي الواهج
1- كتاب حياة مع القرآن، ص: 115.
2- المصدر نفسه، ص: 119.
كلمات صادقة تشعر عند قراءتها بكم كبير من الحب والتقدير والاحترام نفخر به نحن الأبناء الصلبيين للشيخ حدبون ونعتز بأخوة الآلاف من أبنائه الروحيين الذين كان يشملهم بعطفه وحبه وحنانه أزيد من ثلاث عقود... وكلنا أبناؤه
ردحذف