شهر شعبان، عبادات في عادات
غدا بحول الله، يحلُّ شهر شعبان المبارك، ويهلُّ علينا هلالُه بنورهِ، وجلاله، وبركاته، وفضائله، نسأل الله تعالى أن يبارك لنا فيه، ويبلِّغنا بعده رمضان. ولهذا الشهر
الفضيل في ربوعنا -مزاب- مكانة في قلوب الناس، ومظاهر في البيوت، وحراك لدى
الأمَّهات، ومناسبة لترتيب البيت وشؤون الأسرة، وفرصة لتزيين رفوف المطبخ وملءِ مزاودِ
التوابل، استعدادا لرمضان، وما يكفي عاما كاملا.
فنجد ربَّة
البيت -أمًّا وجدَّة- تضاعف اجتهادها في العبادات والأذكار وقراء القرآن، وتشمِّر
عن سواعدها بجدٍّ وصدق وإخلاص لـــــ:
- تنظيف البيت تنظيفا كاملا، وتعويض ما انكسر أو ضاع من
أواني المطبخ خاصَّة خلال العام.
- قضاء ما يلزمها من صيام، والإكثار من النوافل، حتَّى
سمِّي هذا الشهر بشهر العجائز. (تِيوَسَّارينْ).
- زيارة الأقارب وصلة الأرحام والمسامحة، وإصلاح ذات البين.
- اقتناء ما يكفي من حبوب الفريك الجيِّد، فتفرزه، وتغسله،
وتطحنه في الطاحون الحجري.
- اقتناء الإقط (إِكَرَّايَن) وطحنه، وتحضير التمر
الجيِّد بنزع نواه، لتحضير زيريزا الخاصَّة برمضان.
- اقتناء البنِّ الأخضر وتحميصه وطحنه ومزجه بالمسك أو
الهيل.
- تخصيص مناب الأطفال والبنات الصائمين لأوَّل مرَّة، من معجون
زيريزا على شكل تِيكْضُورينْ
- بثلاثين قطعة عدد أيَّام الشهر الفضيل.
- تحضير التوابل الضرورية للمطبخ التقليدي الرمضاني خاصَّة.
- ويختم الشهر بوليمة غذاء تجتمع الأسرة حولها بكبارها
وصغارها، ورجالها ونسائها تسمَّى: "أَكْرَامْ نْ يِيمَانْ"،
وتكون غالبا طبقا تقليديا أساسيا، كالكسكسي، أو الشخشوخة، أو ما
يكون في مقامهما.
وبهذا يكون شهر شعبان
فرصة المبارك، فرصة حقيقية لتأهيل النفس والأسرة والبيت للاستعداد لشهر رمضان
المبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر.
ولا يظنَّن
أحد أنَّ هذا الاهتمام من المرأة بمطبخها وإعداد بعض المواد الغذائية لشهر رمضان،
هو حرص منها على الأكل وشره للبطون، بل تقوم بذلك لتتفرَّغ لعبادة الصيام نهارا،
والقيام ليلا، وقراءة القرآن سحرا، وبين هذا وذاك حسن التبعُّل لزوجها، وصدق
التأمُّم لأبنائها، وجميل الرعاية لأسرتها.
هذا كانت الأمهات والجدَّات في الأسرة المزابية خاصَّة، ولا تزال بقية صالحة منهنَّ إلى اليوم والحمد لله، فيا ليت أمَّهات اليوم، وربَّات بيوت هذا الزمان يقتدين بأمَّهاتهن وجدَّاتهنَّ فيحفظن لنا تراثا جميلا، وعادات راقية، وأخلاقا كريمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق