الأحد، 7 مارس 2021

شخصيات: صاحبة الأيادي الناعمة: فافَّه بنت صالح بن قاسم باسعيد

صاحبة الأيادي الناعمة: فافَّه بنت صالح بن قاسم باسعيد


-      المولد والنسب والنشأة:

    هي الأمُّ الفاضلة الصالحة المجاهدة: فافَّه بنت صالح بن قاسم بن بابا، باسعيد.

ولدت خلال سنة 1349ه، الموافق لسنة 1931م، بمدينة بريان ولاية غرداية، من الأمِّ الكريمة: منَّه بنت بكير جوهري.

    نشأت وتربَّت وترعرعت في أسرة صالحة مستقيمة ملتزمة بنهج وسير السلف الصالح من أهل الدعوة والاستقامة، متواضعة كريمة غنيَّة بالأخلاق الراقية والصفات الحميدة.

-      الزواج والأسرة:

    تزوَّجت بالسيِّد: عومر بن موسى بن الحاج داود، ابن زايط سنة 1949م وهي بنت ثمانية عشر سنة، من عائلة متواضعة مادِّيا واجتماعيا، فكان تكاملهما غنًى وكرامة وسعادة تعاونا به على مرِّ الحياة وحلوها، وعلى تذليل متاعب الحياة.

    فكانت عونا لزوجها وشريكا في كل جوانب الحياة، تشطف إلى جانبه المياه من البئر على ظهرهما عبر مسار الدابة عادة، طريق الجمل (أَغْلاَدْ أُو لَـــــمْ)، وتقوم معه بجني المحاصيل الزراعية من خضر وفواكه، إضافة إلى تربية الماعز وتحصيل ألبانها ولحومها، سعيا للوصول بالأسرة إلى الاكتفاء الذاتي في المعيشة.

    وكانت ربَّة أسرة حكيمة، ومدبِّرة بيت خبيرة، ومربِّية رشيدة، أنشأت أفراد أسرتها على الصلاح والتقوى والاستقامة، وحبِّ العلم واحترام أهله، والسعي في سبيل طلبه، فكان من أبنائها وبناتها السبعة الأستاذ المعلِّم والمربِّي، والاجتماعي النشيط، والصالح العامل لنصرة الدين وخدمة البلاد والعباد، والمرأة الصالحة المربية المنشئة للأجيال من البنين والبنات عمَّار المساجد وبناة وحماة الوطن.

    ولـمَّا فقدت زوجها في الثاني من شهر جويلية من السنة السادسة بعد الألفية الثانية (02/07/2006)، بعد عشرة طويلة وحياة زوجية سعيدة تزيد على الستين سنة، شمَّرت على سواعدها لرعاية الأسرة وحفظ انسجامها وتماسك أفرادها. ولا زالت على العهد والمسؤولية مع أبنائها وأحفادها.

 

-      مواهبها وفضلها على المجتمع:

    يصدق فيها قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: -"أحبُّكم إلى الله أنفعكم لعياله"-، كانت ولا تزال بصدق المرأة الخدومة لمجتمعها بما وهبها الله تعالى من مواهب وحكمة، تنفق ذلك صدقة وتطوُّعا كما أمر الله تعالى: ﴿وَلْيُنْفِقْ كُلُّ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾، وفعلا وهبت نفسها لخدمة عيال الله عزَّ وجلَّ، وسلَّطت ما رزقها الله في سبيل الله محتسبة أجرها عنده تعالى.

    إنَّها بحقٍّ موهوبة في معالجة الكثير من الأمراض والمشاكل الصحِّية للناس ولا تردُّ أحدا لجأ إليها، من النساء كان أو من الذكور، كبيرا أو صغيرا.

    بدايةً من دور القابلة لمساعدة النساء الحوامل ومرافقتهنَّ من بداية آلام المخاض والطلق إلى الوضع، ثمَّ متابعتهنَّ لأيّام عديدة مع مولودهن، حتَّى يستقر الوضع للمولود والأمِّ على السواء.

    وعلاج كسور العظام والمفاصل وتشوُّهها الخَلقي، وتشخِّص الحالة عادة دون اللجوء إلى أفلام الأشعَّة، ومع ذلك لها خبرة وقدرة على القراءة العلمية لأفلام الأشعة (radio) كما الأطبَّاء تماما فتلجأ إليها على سبيل الاستئناس والتأكيد، فتعالج بالوسائل والموادِّ الطبيعية المريض أو المريضة، ولا يصير بفضل الله إلاَّ راضيا سعيدا بعد أن يشفى تماما. وكذلك أمراض الصدر ومشاكل التنفُّس، الشرايين.

    وبيتُها رغم ضيقه، مفتوح بشكل دائم لاستقبال المستجيرين والمستجيرات بها من المرضى صباحا ومساء، من بلدتها بريان، ومن خارجها قصور وادي مزاب، ومن مناطق مختلفة من الوطن؛ وكانت تتنقَّل إلى أيَّة منطقة من الوطن عند الضرورة، كعدم إمكانية تنقُّل المريض إليها لصعوبة حالته.

    كما كانت الملجأ حيثما حلَّت وارتحلت، فعالجت العديد من الحالات من جنسيات مختلفة، وفي البقاع المقدَّسة عند سفرها لأداء مناسك الحجِّ في مناسبتين.

    واعترافا بفضلها، وتقديرا واحتراما لدورها في المجتمع بمسقط رأسها وخارجه، كرَّمتها جمعية المزابيين بقسنطينة في شهر ماي من سنة 2017م، وكذلك فعلت المنظَّمة الوطنية لترقية المجتمع المدني ببلدية بريان بمناسبة عيد المرأة يوم 08 ماي 2018م، كما كرَّمتها جمعية الفتح بالفرع النسويِّ سنة 2018م في حفل تاريخي بهيج.

    وهي الآن في العقد التاسع من عمرها، ونعاني من مرض القلب والضغط الدموي، ورغم ذلك تقوم بما تراه واجبا عليها وسعادة لها نحو المسلمين إلى يومنا هذا.

    وبتوفيق من العليِّ القدير، تركت حبل عملها الصالح هذ ممدودا يتواصل بع عملها الصالح بعد عمرٍ طويل إن شاء الله، لـمَّا صبَّت علمها وحكمتها وخبرتها وتجربتها في إحدى بناتها، فحملت معها مشعل هذه الخدمة الخيرية التطوُّعية تحت راعية ومباركة والدتها الكريمة.

    نسأل الله العليَّ القدير أن يحفظ السيِّدة: فافَّه نْ صالح، ويمتِّعها بموفور الصحَّة والعافية، ويثبِّت أجر ما قامت وتقوم به في ميزان حسناتها، ويوفِّقها لتوريث ما وهبها الله من حكمة وخبرة ودراية لأبنائها وبناتها، حتَّى يتواصل عملها بعد عمرٍ طيل إن شاء الله. آمين. 

-------------------

*المصدر: الأستاذ: مصطفى بن عمر ابن زايط نجل الحكيمة، بريان يوم 16 جانفي 2021.

 

بقلم: يوسف بن يحي الواهج


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق