الحاج يحي الواهج
والمهمَّة الصعبة
v نُــتَابِـــع:

وضع الطردَ
أمام عمي الحاج يحي الواهج، وقال له:
-
تفضَّل البريد يا سي الحاج.
يضيف الأستاذ: لعساكر:
في الحقيقة تفاجأتُ بحجمِ البريد هذا، وأشفقتُ على عمِّي الحاج، وكنتُ أنتظر ردَّة
فعله من ذلك، وكأنَّني توقَّعتُ أن يرفضَ القيام بهذه المهمَّة الصعبة، التي قد
تقضي عليه نهائيا، ولكن فوجئت به يقول للمجاهد: يوسف بن خدَّة:
-
اطمئن يا سيِّدي، سيصل بريدكم إن شاء الله سالما.
فسأله يوسف بن خدَّة
قائلا:
-
قل لي يا سي الحاج، كيف ستخبِّــئه عن أعينِ الفرنسيِّين، وأنت ستمرُّ عبر الحدود،
حيث الشرطة والجمارك والجيش؟
أجابه الوالد رحمه
الله:
-
لكَ منِّي أن يصل البريد إن شاء الله، أمَّا كيف، فذلك سرٌّ بينِي وبين
خالقي.
سكتَ المجاهد بن خدَّة،
ثمَّ قال له:
-
الله يحفظك.
أشفق الأستاذ: محمَّد
بن عمر لعساكر على صديقه، وشعر كأنَّه قد ورَّط صديقه في عمليَّة خطيرة، تجلبُ له
شرًّ مستطيرا على حياته؛ فتابع القضية كأنَّ البريدَ بريدُه، والشأنَ شأنه، ربَّما
أكثر من القيادة الثورية نفسِها، ولم يهدأ له بال، أو يغمض له جفنٌ، حتَّى اطمأنَّ
على وصول البريد إلى القيادة بالداخل، وعلى سلامة صديقه الحاج يحي الواهج بالاتصال
به شخصيا.
ومنذ ذلك
الحين، أصبحَ الوالد رحمه الله الساعيَ الأمين لبريد الثورة التحريرية، بين قيادة
الداخل والخارج، من تونس إلى الجزائر، أو من الجزائر إلى تونس.
وبعد الاستقلال، قال له مسؤول بحزب جبهة التحرير:
-
اذهب إلى بورﭬــيبة ليعطيَ لك شهادة أو بطاقة الجهاد.
ونسي هذا المسؤول ومن
على شاكلته، أنَّ حبَّ الوطنِ واجب وشرف وسلوك، وليس مناصب وامتيازات وحقوق.
وعن هذا
الدور الكبير للوالد (رحمه الله) يقول الأستاذ: حمُّو محمَّد عيسى النوري، في
كتاب: دور الميزابيين في تاريخ الجزائر، الجزء الثاني، صفحة: 288.
-"كتبَ
بيُّوض تقريرين هامَّين إلى وزير الداخلية الأخضر بن طوبال في الحكومة المؤقَّتة
بتونس في شأن الثورة في الصحراء وفي قضيَّة فصل الصحراء، فاتصل منه بكتابين
هامَّين كذلك شكرا على التقريرين في القضايا المعنية.
وقد شاهد الكتابين بختم الوزير وإمضائه الضابط الثاني
أحمد الطالب، ورابح الأبيض، وجماعة من الجنود معهما في دار عشيرة البلات بالقرارة
في مارس 1961، فعجبوا لمراسلته للحكومة واتصاله بالجواب منها والكتابان مع كثير من
الوثائق الهامَّة للشيخ بيُّوض قد أحرقها كلَّها في نكبة القرارة الكبرى ليلة 28
أكتوبر 1961 عند محاصرتها ثلاثة أيَّام، كما عجبوا
كثيرا لمن قام بالوساطة بينهما وهو: الواهج الحاج يحي، من حيث أنَّهم لم
يتمكَّنوا بأيِّ وسيلة من الاتصال بالحكومة بتونس في تلك الظروف."-
بقلم: يوسف بن يحي الواهج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق