مريم عبد العزيز
الممرضة "مريم عبد العزيز"

وعندما تحصلت على الشهادة فيها صارت تنتقل بين
المؤسسات والإدارات الاستعمارية علّها تجد عملا تُعين به عائلتها الفقيرة، وكانت
تُواجَه بالرفض التام لكونها جزائرية، فالتحقت بمدرسة الممرضات وهي عيادة الصليب
الأحمر لصاحبتها الآنسة "لونك" (lonk) الأوربية،
بحي صالون بِي (salombai) سابقا، المدنيّة
حاليا، أين تحصَّلت على شهادة ممرِّضة.
ثم حولتها الآنسة "لونك"
إلى عيادة فيردان (ver
daine) إيدير عيسات، أين باشرت عملها بجدٍّ ونشاط،
يحدوها أمل كبير مثلما كانت آمال كل الوطنيين الأحرار، ثم انتقلت بعد ذلك إلى
المستشفى الجامعي الكبير، ثم إلى مستشفى القطَّار الذي بقيت فيه ثلاث سنوات.
التحاقها
بصفوف جيش التحرير الوطني: عندما تغيَّبت مريم عن المنزل يومين كاملين،
انتاب عائلتُها القلق والخوف رغم إطلاعها إيَّاهم على غيابها عن المنزل بضعة أيَّام،
وفي اليوم الثالث من تغيّبها، أسرع والدها إلى مقرِّ عملها واستفسر عنها مسؤول
المستشفى، الذي ردّ عليه بأنَّها تغيَّبت عن العمل خلال اليومين المذكورين.
وقد اكتفى والدها
بالاستفسار عنها في مقرِّ عملها، لأنَّه فهم من تصرُّفاتها في المدَّة الأخيرة أنَّ
شيئًا مَّا قد حدث برضاها، وبالفعل لم تمضِ سوى أيَّام قلائل من تغيّبها عن المنزل،
حتَّى قدم شخص إلى عائلتها وأبلغهم التحيَّة منها وأخبرهم أنَّ مريم بخير، وبذلك
تأكَّد لعائلتها بأنَّها قد حقَّقت حلمها الغالي المتمثِّل في الالتحاق بإخوانها
المجاهدين من جهة، ومشاركتها في مواجهة جنود العدوّ في الميدان من جهة أخرى.
عملها الثوري
قبل التحاقها بصفوف جيش التحرير الوطني: ذكر والدها في شهادات حيَّة عن
نضال مريم ومساهماتها قبل التحاقها بالعمل الثوري المسلَّح، أنَّها طلبت من والدها
أثناء فترة تربُّصها بعيادة "فيردان" أن يشتريَ لها آلة راقنة،
كي تواصل تدريبها عليها في المنزل، فأصبحت تشتغل كلَّ أوقات فراغها في كتابة
الوثائق بالآلة الراقنة مدَّعية لعائلتها أنَّ تلك الوثائق للزملاء الذين يشتغلون
معها في المستشفى.
وكانت تتأخر من حين
إلى آخر عن الدخول إلى المنزل في المساء، وتدَّعي لعائلتها أنَّها تخلفت في الشغل
أو زارت إحدى صديقاتها، ومع تكرار تغيُّبها وتأخُّر دخولها إلى المنزل، بدأ الشكُّ
يتسرب إلى نفوس أفراد عائلتها، وكانت تأخذ من المنزل المرَّة تلو المرَّة كمِّية
من المواد الغذائية، وتزعم أنها ستذهب بها إلى مرضى مستشفى القطَّار من
المساكين.
تعلقها
باللباس العسكري: لقد بلغ شغف مريم باللباس العسكري أنَّها كانت تنتهز
فرصة عطلة شقيقها الأكبر، الذي كان مجنَّدًا ضمن صفوف الطيران الفرنسي فترتدي
ثيابه العسكرية، وتبقى بعض اللحظات تلفُّ في غرفة الشقَّة جيئة وذهابا، وهي تتطلع
على نفسها في المرآة.
وذات يوم وضعت قبَّــعة
أخيها فوق رأسها وخرجت إلى الشقَّة، وصادف خروج جارتها الأوربية السيدة "باردو"
إلى شرفتها هي الأخرى، فلفتت مريم انتباهها وهي تبادلها التحية، تصنَّعت السيدة "باردو"
ابتسامة، وقالت لمريم: ........... يَـــتبَع:
بقلم الأستاذ: يحي بن بهون حاج امحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق