الخميس، 7 يونيو 2018

اليومية الرمضانية 2018م: بودي عمر بن سليمان الطالب بودي


بودي عمر بن سليمان
الطالب بودي

    الطالب بودي: هو الاسم الذي اشتهر به في بريان.
    الطالب بودي: اسم يملأ الأشداق، وشخصية تملأ الأحداق، وشهرة تملأ الآفاق.
    الطالب بودي: رجل يشدُّ الانتباه، ويفرض الاعجاب، ويأسر القلوب.
    الطالب بودي: خطيبٌ مصقع إذا حدَّث أسمعَ، كريم إذا أطعم أشبعَ، حكيم إذا عمل أبدعَ.
    الطالب بودي: اقتبس الحكمة من لقمان، وورث الملك من سليمان، وحاز الشجاعة من ذي الفقار.

v  نُـــــتــابِـــع:

    فأمام هذه الظروف الصعبة، تولَّى القائد الجديد المسؤولية الثقيلة من أجل بلدته وأبنائها، ومن أجل وطنه الجزائر، وهو المواطن البار ببلده، يفيض وطنية وحبًّا للوطن، فكان منذ بداية الثورة المجاهد المخلص والمناضل القدير خلال الثورة التحريرية؛ تجنَّد وجنَّد المجاهدين والمسبِّلين والعاملين من أجل الثورة، وفتح بيته لاستقبال الوفود المترادفة على المدينة من قادة الثورة القادمين من الشمال ومن الشرق والغرب، كما أمَّن الطرق والوسائل لنقل السلاح والذخيرة من وإلى بريان، ولتنقُّل أفراد جيش التحرير بين جهات المنطقة على شساعتها.
    وليس حصرا إذ نقدِّم نماذج من بطولات الطالب بودي رحمه الله في هذه المساحة الضيِّقة من يوميتنا الرمضانية هذه، إنَّما هي أكثر من أن تعدَّ وتحصى، وأغلبها قد ووري التراب في صدور أصحابها من الشهداء والمجاهدين رحمهم الله، ومنها ما بقي مغمورا في صدور الأحياء مخافة أن تُحسبَ عليهم رياء وسمعة، فيضيع عنهم أجر الجهاد وثواب الايمان وحبِّ الوطن "حُبُّ الوطنِ من الإيمان"، وهم الذين عملوا وقدَّموا ما قدَّموا لدينهم ووطنهم ابتغاء ما عند الله تعالى، لا طمعا في عرَضِ الدنيا من المنَح والمكافآت والامتيازات.

    فمن هذه المواقف التي سجَّلتها الذاكرة الحيَّة في بريان للرجل العظيم، ما ذكره الأستاذ: حمُّو محمَّد عيسى النوري في كتابه: "دور الميزابين في تاريخ الجزائر قديما وحديثا" في صفحة 201، من الجزء الثالث: 
    -"من تلك المواقف، أنَّ مسؤوليْن عسكرييْن وفدا على وادي ميزاب فبلغ المستراتور الحاكم العسكري خبرهما بواسطة العملاء وأخبر برقم السيارة، فاستشاط غضبا وقامت قيامة البوليس السرِّي ورجال الدرك بوصول لهيب الثورة إلى ميزاب فوزَّعوا قواتهم في كلِّ مدخل ومخرج للقبض عليهما لإطفاء الجمرة قبل انتشار اللهيب.
    فأشار الاخوة السؤولين في غرداية على الرجلين بمغادرة البلد في الحين، لأنَّ ضرب ذلك الحصار الشامل قد يوقعهما في خطر محقَّق، فقالوا لهما إن قدِّرت لكما النجاة فلا تكون إلاَّ على السيِّد بودي عمر بن سليمان قائد بلد بريان وهو الوطني الغيور الذي بعرف كيف تؤكل الكتف ومن أين يؤتي الخصم فأخذا سيارتهما في الحين ليلا متنكِّرين.
    ومن لطف الله الخفيِّ أنَّه لم يكد يستقرَّ بهما الجلوس مع الفجر في دار بودي عمر حتَّى سمعا دقًّا عنيفا على الباب لدرك بلدية بريان، فأدخلهم إلى قاعة الاستقبال فلم يكن بينهم وبين الرجلين المطلوبين إلاَّ قليل جدار، فقالوا بلهجة المتوعِّد المهدِّد الممزوجة بالغضب والفزع. "إنَّ الثوَّار قد دخلوا بلاد ميزاب هذه الجمرة يجب إطفاؤها قبل أن يشتدَّ اللهيب وذلك أنَّ شخصين كانا في غرداية بسيَّارة خفيفة رقما كذا، يجب عليك أن تتَّخذ معنا الإجراءات للقبض عليهما".

    فتظاهر بالغضب وأنكر وجود أيِّ شيء من هذا القبيل في وادي ميزاب، ثمَّ قال لهم: "الراي عندي أن تجمعوا القوَّات المحلِّية كلَّها في مركز الدرك لتوزيع الحراسة، وضرب الحصار على السيارة في مخارج البلد" فاتفقوا على ذلك. جرى ذلك على مسمع الرجلين الذين يتناولان القهوة مع رجال الدرك في بيت واحد من إبريق واحد في دقيقة واحدة.
    فأمر السيِّد بودي عمر بعد انصراف الدرك أحد عمَّاله وكان فدائيا أمينا أن يحضر بغلين يحمل عليهما ما يكفي للرجلين من مؤونة، وزاد من مخزنه على حسابه الخاص ويتَّجه بهما في طريق غير مألوف.
    ثمَّ ذهب لمركز الدرك حيث تنتظره القوَّات المحلِّية فاتخذ معهم إجراءات الحراسة الشديدة، وفي المساء عند التأكُّد من نجاتهما ذهب إلى الدرك غاضبا يقول: "السيَّرة نجت بمن فيها برقمها المعلوم ولكن حرَّاسي ليس لهم أمر بالقبض عليهم ولا سلاح لهم فأين حرَّاسكم وحصاركم وما هذا الإهمال منكم." فسقط في أيديهم فطفح الاناء على الجمرة وهذا من أسرار عناية الله لا من حول أو حِيَل البشر."-

بقلم: يوسف بن يحي الواهج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق