الأربعاء، 6 يونيو 2018

اليومية الرمضانية 2018م: بودي عمر بن سليمان الطالب بودي


بودي عمر بن سليمان
الطالب بودي

    الطالب بودي: هو الاسم الذي اشتهر به في بريان.
    الطالب بودي: اسم يملأ الأشداق، وشخصية تملأ الأحداق، وشهرة تملأ الآفاق.
    الطالب بودي: رجل يشدُّ الانتباه، ويفرض الاعجاب، ويأسر القلوب.
    الطالب بودي: خطيبٌ مصقع إذا حدَّث أسمعَ، كريم إذا أطعم أشبعَ، حكيم إذا عمل أبدعَ.
    الطالب بودي: اقتبس الحكمة من لقمان، وورث الملك من سليمان، وحاز الشجاعة من ذي الفقار.
    هو الأستاذ: عمر بن سليمان بودي، ولد بمدينة بريان سنة 1916م (رحمه الله).
    إنَّ الحديث أو الكتابة عن هذه الشخصية العظيمة التي تملأ الأسفار بالمكرمات، وتستهلك الأقلام في إحصاء الفضائل، عاجز عن استيفاء حقِّها، وتلبية حاجة الأجيال الحاضرة واللاحقة لمعرفته حق وتمام المعرفة، ولكنَّنا ملتزمون بمنهج اليومية الرمانية هذه علينا أن نتقيَّد بالجانب الوطني والنضالي في مسيرته الحافلة بالإنجازات.
    فالطالب بودي رحمه الله ولدَ ونشأ وترعرع في أحضان عائلة وَهبت نفسها لخدمة الوطن والبلاد، ونفع عيال الله من العباد؛ فوالده تقلَّد منصب القيادة في بريان مدَّة من الزمن كان خلالها نعم القائدِ الخادمِ الأمينِ على المسؤولية العظيمة الثقيلة، على صعوبتها أيَّام الاستعمار الغاشم.

    في هذا البيت السعيد، وفي أحضان هذه الأسرة الصالحة، وأمام المشاهد الوطنية الصادقة، والإنجازات الخيِّرة تربَّى وتدرَّب الطالب عمر بودي على العمل العام، وحبِّ البلاد والعباد، ووعى بصدق وإيمان قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: -"سيِّد القوم خادمهم"-، وقوله: -"الخلقُ عيال اللهِ فأحبُّهم إلى الله أنفعهم لعياله"-
    وزاده الله تعالى من الفضلِ النصيبَ الوافرَ من العلم في مدرسة الفتح ضمنَ رعيلها الأوَّل، ثمَّ ازداد علما ووعيا ووطنيَّة بمعهد الحياة بين يدي الشيخ بيُّوض رحمه الله، تحت رعايةٍ واهتمامٍ خاصَّين بهِ لمواهب وإمكانيات متميِّزة استشرفها فيه شيخُه إبراهيم بيُّـوض.
    فوضعَ الشيخُ على عاتقه مسؤولية القيادة على تلاميذ دار الطلبة (البعثة) فكانت للطالب بودي فرصةً للتكوُّن والتدرُّب على القيادة والتسيير وحسن التدبير؛ إلى جانب التفوُّق العامِّ في التحصيل العلمي الدراسي، والمشاركة بحماس في النشاط الثقافي المتنوِّع، مثل المشاركة في تمثيل الكثير من المسرحيات الهادفة، ونشر العديد من المقالات في مجلَّة الشباب التي كان يصدرها طلبة المعهد لعدَّة عقود.
    وما أن تخرَّج من القرارة، وإثر وفاة والده قائد البلدة في بريان، حتَّى توجَّهت الأنظار إليه تنادي به خليفة لوالده في قيادة البلدة، وتقلُّد المسؤولية الوطنية العظيمة الحساسية في ظلِّ الحكم الاستعماري الغاشم. ولم يكن ذلك توريثا وتمليكا للمنصب، بل هي القدرة والكفاءة والاستعداد الفطري المواهبي، هي التي رشحَّته ووقع عليه الاجماع لهذا المنصب؛ خاصة أنَّ مثل هذه المسؤولية في مثل هذه الظروف الصعبة مهمَّة ثقيلة جدًّا، حاملها كالقابض على الجمر، ولا يقدر عليها إلاَّ ذو قلبٍ شجاع، ووطنية صادقة، ودهاء سياسي كبير.
    فنصِّب عمر بن سليمان بودي الصالب قائدا للبلدة في يومٍ مشهود من شهر جانفي 1953م، عاشت المدينة فيه عرسا شعبيا كبيرا، جمع سراة القوم وعامَّة الشعب فيها على صعيد وكلمة واحدة تبايع الرجل قائدا لها. كان هذا في زمنٍ تعيش الجزائر فيه مخاض التحضير للثورة التحريرية التي تسعى بإصرار كبير على تحرير البلاد وانتزاع الاستقلال مهما كلَّف الأمر. ......يَتــبَع:

بقلم: يوسف بن يحي الواهج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق