الأربعاء، 15 نوفمبر 2017

شؤون إجتماعية: بَابْ نْ قَرَابِـــيلاَ

بَابْ نْ قَرَابِـــيلاَ

    كانت المعلومات والتعليمات الهامَّة والأخبار العامَّة، تبلَّغ إلى الناسِ بواسطة الاعلانات في المساجد، عندما تكونُ موجَّهة لطائفة البالغين من الرجال؛ أو بواسطة المنادي "أَبَــــــرَّاحْ" الذي يتجوَّل في المدينة بين أزقَّتها ودروبها، مناديا بالإعلان أو الخبر الذي يكلَّف بتبليغه، وذلكَ عندما تكون الفئة المقصودة بالخبر عامَّة الناس من الرجال والنساء، كبارا وصغارا.
    هذا بالنسبة للأخبار والتعليمات غير العاجلة، التي يمكنُ إيصالها تدريجيًّــا حيث يعلَن عنها في أكثر من مناسبة، وخلال أيَّـام.
    أمَّـا تلكَ الأخبار التي ينبغي أن تصل إلى عموم الناسِ في وقتٍ واحدٍ، وبصورة عاجلة، فقد اتخذ لها القائمون على نظام الحياة الاجتماعية في مزاب وسيلة أخرى، سريعة وقويَّة وناجعة، أصبحت عرفا وتقليدا في مزاب إلى يومنا هذا، رغم انحساره إلى مناسبات قليلة جدًّا.

    والوسيلة هذه هي: "قَرَابِيــلاَ" أو البارودة، وإطلاق عدَّة طلقات من البارود، بواسطة البارودة التقليدية "تَمْرُوضْتْ".
    وبها أو بصوتها الذي يصل كلَّ الآذان من الناس، ويعرَفُ الخبر الذي يرادُ إبلاغُه إلى سكَّان البلدة جميعا، بحكمِ العادة، والموسم المعاش آنئذٍ، أو الأحوال السائدة في البلدة.
    فينتدبُ لهذه المهمَّـة تطوُّعا رجلٌ خبير في البارود، واستعمال البارودة "قَرَابِـيلاَ"، توافقُ عليهِ هيئة العزَّابة، لحسنِ خُـلُقه، وحسنِ سيرتِه، وسَمتِهِ الحسن، ولا بدَّ أن يكونَ من عمَّار المسجد، لأنَّ طلقات البارود المنبِّــهة تنطلق من المسجد.
    فيقوم بالعمليَّة في المناسبات التالية:

-      عند التأكُّد من رؤية هلال شهر رمضان المبارك.
-      عند الامساك، وعند الافطار، خلال شهر رمضان كاملا.
-      عند التأكُّد من رؤية شهر شوَّال، لإعلان حلول عيد الفطر.
-      عند قدوم السيول النافعة، بشارة وإعلان الفرحة بقدومها.
-      عند فيضان الأودية التي قد تسبِّب في أضرار للمواطنين.
-      عند حدوث كوارث طبيعية كالحرائق الكبرى، أو الاعتداءات الخارجية.

    وقد ينتدبُ شخص ثانٍ لنفس المهمَّة، ويكون تحت تصرُّف هيئة الأمناء، وتقتصر مهمَّته فقط عند قدوم السيول، وفيضان الأودية، وما شابهها من كوارث مختلفة. لتوجيه الناس، خاصَّة الرجال القادرين على المساهمة في عمليات الانقاذ والمساعدة، لردِّ العدوان والتخفيف من الخسائر والتقليل من الأضرار.
    ورغم انحسار هذه الوظيفة كما ذكرتُ آنفا، أو إلغاؤها نهائيا في بعضِ القصور المزابية، خاصَّة بعد قيام المؤسَّسات الحكومية الخاصَّة بمهامِّ التدخُّل والانقاذ، ما زالت هذه الوسيلة أفضل وأحسن وأسرع لتنبيه الجماهير للمسارعة إلى المشاركة في عمليات الانقاذ، خاصَّة عندما تكون الكارثة كبيرة وعظيمة جدًّا، لا يكفيها عدد أعوان الحماية المدنية، وأسلاك الأمن، كما حدثَ في فيضانات أو مسَّاح غرداية، سنة ألفين وثمانية 2008م، التي عمَّت ولاية غرداية.


بقلم: يوسف بن يحي الواهج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق