أَحَمَّالْ – العتَّال
أَحَمَّالْ،
بالتعبير العربي الشائع، أو العتَّال بالتعبير العربيِّ الفصيح.
ولـمَّا كانت
القوانين العرفية، والنظُم الاجتماعية التي كانت وما زالت تحكمُ وتنظِّم الحياة في
المجتمع المزابي، هذه القوانين تفرض على الرجل ألاَّ يُخرجَ المرأةَ من حوزة مزاب،
مهما كانت العلاقة به، زوجةً، أو أمًّــا، أو أختا، ... والواجب الشرعي والانساني
يفرضان على الرجل من جهةٍ أخرى أن يكون في تواصلٍ دائم مع أسرته؛ فتراه يراسل
والدية، وزوجته، وأولاده بقراطيس تحمل إليهم أخباره، وأحواله، وظروف عمله، أو
يرسلُ إليها مبالغ مالية من عرقِ جبينه، تكفل لأبنائه وزوجته الحياة الكريمة، أو
يكرمها من حينٍ لآخر بطرود تحملُ لهم من الشمال ما لذَّ وطابَ، وعن المنطقة عزَّ
وغاب.
ولـمَّا كانت
المدنُ المزابية على عمرانٍ تقليديٍّ قديم، ضيِّقةٌ شوارعها، ملتويَّة، تعلو، أو
تهوي، ولم يكن في الامكان أن تدخلها وسائل النقلِ الآلية الميكانيكية القديمة
خصوصا؛ فكان لابدَّ من وسيلة أو شخصٍ يبلِّغ ما يرسله المغتربون إلى أهاليهم،
عندما تصل الشاحنة إلى سوق المدينة؛ فكان أَحَمَّال (العتَّال)، هو الذي يقوم بهذه
المهمَّة الخيريَّة الانسانيَّة، ولا يتقاضى على ذلك أجرةً محدَّدة، إلاَّ ما
يقدِّمه له المستفيدون من خدماته، على سبيل الصدقة والإحسان، والمكافأة أكثر منها
أجرة على أتعابه، يحدِّدها هو ينفسه، أو تحدِّدها مصلحة أو مؤسَّسة عرفية أو
قانونية.
وكأيِّ وظيفة
عموميَّة اجتماعية في المجتمع المزابي، لابدَّ أن يكون للحلقة، هيئة العزَّابة، أو
هيئة الأعيان، دور في ضبطِ الوظيفة يلتزم الجميع بتحقيقها على أمر الواقع، لأنَّ
الشخص الذي يحمل أمانات الناس، ومصالحهم، وأموالهم، ويطَّلع على أسرارهم، ويدخل
البلدة إلى أعماقها، فلا بدَّ أن يتحلَّى أَحَمَّال بصفات تؤهِّله لأن يستأمنه
الناس على مصالحهم، وأسرارهم، وأعراضهم، من هذه الصفات على سبيل المثال:
-
الاستقامة وحسنُ الخلق.
-
السمعة الطيِّبة والأمانة.
-
أن يكون من البلدة، ويعرف تفاصيلها العمرانية.
-
القدرة على العمل، وحمل الطرود.
-
له ممثِّل ومقرٌّ في السوق، لحفظ الأغراض التي لم تصل أصحابها لغيابه عن
المشهد.
وإن
أخلَّ بإحدى هذه الضوابط، اعتبرته الهيئة المشرف عليه، غير صالحٍ لهذه المهمَّة،
فتعلن عن عزله، أو تقاعده، وتطلب من المواطنِ عدم التعامل معه مهمَّة، وطلبت من
الناس عدم التعامل معه، وكلَّفت أحد الخيِّرين في البلدة بالبحثِ عن خليفة له.


بقلم: يوسف بن يحي الواهج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق