الثلاثاء، 12 يناير 2016

شؤون إجتماعية

فلسفة الزواج

    الزواج كلمة ننطقها بسهولة، ونطير فرحا للتحضير لها، ونقفز استبشارا إذا بُــشِّرنا به.
 
    ولكن هل حقا نحن مدركون حقيقتها؟ هل نحن مدركون عظمتها؟ وهل نحن مدركون حقيقةً فلسفتها؟ وقبل كلِّ ذلك، هل فقهنا معنى كونها من آيات الله في الأرض:
﴿وَمِنَ ـ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنَ اَنفُسِكُمُ أَزْوَاجًا لِّـتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم:21).
    لقد أصبحنا في زمن تغيَّرت فيه المقاييس، وتغيَّرت فيه مفاهيم المصطلحات؛ لقد أعطينا للمصطلحات مفاهيم سطحية ومادِّية فقط.
    فالزواج أصبح عرسا ومتعة وفرحا، وانتهى الأمر، تغيَّرت معايير الاختيار. تغيرت قواعد البناء. فأصبحت هشَّة لا تقوى على حمل الميثاق الغليظ، وأصبح انهيار الصرح المتين سهلا، وأصبح لا يستطيع مقاومة أدنى درجات الهزات، ولا يقف أمام العواصف، فكان بنيانا أسِّس على شفا جرف هار فانهار به.

    فإن ذهبنا إلى الاختيار، نجد الفتاة قد ألقت وراء ظهرها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    -"إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"- وجعلته في ذيل قائمة طلباتها، بل أحيانا يكون خارج أجندتها، وقالت إذا جاءكم من ترضون جماله ونفوذه وماله وذهبه وسلطته فزوِّجوه.
    وإذا توجهنا إلى الشاب وجدناه يحفظ الجزء الأوَّل فقط من الحديث:
    -"تنكح المرأة لأربع لجمالها ولمالها ولحسبها ولدينها ..."- ونسي تكملة الحديث:
-"فاظفر بذات الدين تربت يداك"-.

    تغيرت المقاييس فما هي فلسفة الزواج إذا؟

    الزواج سكن ومودَّة،
    الزواج راحة بال،
    الزواج تحصين،
    الزواج راحة للقلب والنفس،
    الزواج تعاون على طاعة الله وعبادته،
    الزواج تناصح وأمر بالمعروف،
    الزواج ميثاق يسعى الزوجان ليكون الجامع بينهما في الدارين.

    فما أروع أن يجتمع الزوجان على طاعة الله واتباع هدي رسوله صلَّى الله عليه، فيتعاونان على البرِّ والتقوى، ويتناصحان، ويسعيان معا في سبيل إرضاء الله وتحقيق عبوديته، ولو في أبسط الأمور، وما أروع العيش في رحاب الله، والأروع أن يملأ حياة الزوجان منذ أوَّل لقاء بينهما حبُّ الله الذي هو أقدس حبٍّ في الحياة، فينزل الله المودَّة وترفرف المحبَّة والأمان على ذلك العشِّ الزوجي، ويرحل عنه القلق والتوتُّر، فحتَّى إن زارته نوائب الدهر، فإنها تجد قلوبا غامرة بحبِّ الله، تتحدى كل النوائب.
    فعلى الزوجان، أن يجتهدا ألَّا تبقى العلاقة بينهما علاقة مادِّية أو دنيوية محضة، بل يسموان بعلاقتها إلى علاقة روحانية متبادلة، متعاونة على إرضاء الله، فطاعة الله هي من أعظم الأسباب للحياة الزوجية السعيدة، فمن أراد السعادة الأبدية في الدارين فعليه بالتزام أوامر الله والسعي لعبادته.


بقلم: نانة محمَّد أزﭬــاو 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق