المتعبِّدة العاصية
روَت لِي
إحْدَى السيِّدات، وهي عندي صادقة، أنَّها سمعت ذاتَ ليلةٍ في ساعة متأخِّرة منه،
ضربا على باب بيتها، فتوجَّست خيفة منه، لأنَّها لم تعهد ولم تتوقَّع زيارة أحدٍ
مَّــا في ذلك الوقتِ المتأخِّر، وأهل بيتها كلُّهم يغطُّون في نوم عميق.
فذهبت إلى
الباب على أصابع قدميها وهي خائفة، وسألت من ورائه قائلة:
-
من يدق الباب؟!
فردَّ
عليها من خارج البيت صوت طفولي، يقول:
-
أنا يا سيِّدتي.
ففتحت
الباب لتجد أمامها ثلاثة أطفال، هم أبناء جارتها.
اندهشت
للأمر، وذهب بها فكرها كلَّ مذهب، ثمَّ سألت كبيرَهم:
-
ماذا تفعلون في الشارع حتَّى هذا الوقت؟؟!
-
أين أمُّكم؟!
أجابها
الطفل بكلِّ صراحة وبراءة:
-
أمِّي ذهبت إلى قيام الليل، وقد جعنا كثيرا، نريد بعض الأكل أو الخبز منك،
رحم الله والديك.
حوقلت
المرأة واحتسبت أمر الأطفال الجياع عند الله، وتمنَّت الهداية للأمِّ المتخلِّية،
التي تترك أطفالها في البيت لوحدهم جياعا؛ ربَّما نائمين وتسلَّلت كما اللصوص عند
خروجها، أو طلبت منهم أن يناموا كأنَّهم كبار يميِّزون ويدركون.
وذهبت إلى
قيام الليل وهي تظنُّ أنَّها تتعبَّد به عند الله وتتقرَّب به إليه تعالى، وهي عندي
وعند كلِّ ذي عقل وعلم: عاصية عاصية عاصية.
-
أمرها الله تعالى أن تقرَّ في بيتها. ولم تفعل.
-
جعل الله عبادتها في رعاية أبنائها. ولم تفعل.
-
هي مسؤولة وراعية لبيتها وزوجها. ولم
تفعل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق