وللإبريق قصَّة ثانية
تَانْفُوسْتْ نْ لَبْرِيكْ- 2

دخل أحد
الإخوة أحد المساجد بإحدى مدن الشمال للصلاة، فوجد المصلُّون فيه يستعملون
للاستنجاء عُلبًا معدنيةً مثل: (علب الطماطم) قبَّح منظرَها الصدَأُ
والوسخُ والبللُ، فتقزَّز من منظرها، وآلمه أن يكون حال بيت النظافة والطهارة عند
المسلمين على هذه الحال الوضيع القبيح.
فقصد إمام
المسجد وقدَّم له ملاحظته حول وضع بيوت الراحة المجاورة للميضأة، واقترح عليه
تغيير تلك العلب المعدنية غير الحضارية، والمشوِّهة لمنظر المسجد والمسلمين بصفة
عامَّة؛ فشكره الإمام على اهتمامه بالمسجد، وحرصه على مكانة الاسلام والمسلمين؛
وسأله عن البديل الذي يقترحه.
فقال له عندي
بديل جميل وعمليُّ وحضاري، سيعجبك إن شاء الله، وهو عبارة عن ابريق بلاستيكي،
أستعمله أنا شخصيا وكل أفراد أسرتي منذ نشأتي. سأتبرَّع منا بالكمِّية اللازمة
للمسجد، حتَّى لا نكلِّف ميزانيته ثقلا جديدا؛ شكره الإمام على ذلك سائلا الله
تعالى أن يتقبَّل منه ويخلف له ما ينفقه رزقا مباركا إن شاء الله.
فاقتنى الرجل
المحسن خمسين إبريقا (لَبْرِيكْ)، وذهب بها مسرعا فرحا إلى المسجد، فوضعها
بنفسه في الحمامات (دورات المياه)، متمنِّيا أن يتقبَّل الله منه.
وبعد بضعة
أشهر ذهب إلى نفس المسجد، يتفقَّد الموضع لعلَّ المكان يحتاج إلى دفعة أخرى من
الأباريق، ولكنَّه اندهش وصُعِق عندما وجد الأمر قد عاد إلى حاله الأوَّل، وعاد
المصلُّون إلى سيرتهم الأولى، فبحث عن الأباريق، فوجدها مركونة أكواما بإهمال شديد
تحت الدُرج. فحَوقَل واحتسب أجره عند الله.

خرج المحسن
الذي تمنَّى أن يغيِّر منكرا ووضعا يسيء للإسلام والمسلمين، وهو ينهى عن المنكر
الذي جعل العادة عبادة، وأيَّ عادة.
بقلم: يوسف بن يحي الواهج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق