الأبوَّة في الزمن الصعب
ما أصعب
الأبوَّة في هذا الزمن الصعب.
والمشكلة
العويصة في الأمر، أنَّ هذه الجيوش قد اقتحمت كلَّ الجوانب المختلفة من الحياة،
فالأمُّ مقتحَمة، والبيت مغتصَبٌ، والمدرسة محتلَّة، والشارع موبوء، والجار غير
مهتمٍّ، والصديق متواطئ، و ...، والعدوُّ متكالب ذو أذرعٍ أخطبوطية لا يرحم.
مشفقٌ صدقا
عليكم أبنائي في تربية الأبناء ومحتار أو أكثر، كيف تتصرَّفون أمام هذا الشرِّ
المستطير اليوم، في مواجهة هذا التسونامي المزمن في قوَّته وشموليته، فأنا أخالكم اليوم
(الأسرة) في هذا البحر كما صوَّر القرآن الكريم أصحاب السفن. –"حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ (بيت الأسرة) وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ
طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بها (زينة
الحياة المال والبنون) جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ
وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ-"
أعرفُ
جيِّدا أنَّ الأمر يؤرِّقكم، ويشغل بالَكم، ويبعد النومَ عن أعينكم، ويشعل رؤوسكم
شيبا، ويهدم همًّـا واهتماما، إنَّه بالفعل زمنٌ صعب، صعبٌ جدًّا جدًّا عليكم، كما
على أبنائكم.
- فإن وقفتم على تربية الأبناء في البيت،
زاحمتكم فيه القنوات الفضائية.
- وإن وفَّرتم الكتاب لابنكم في البيت،
زاحمكم فيه جهاز الأيفون.
- وإن رافقتم الابن إلى المدرسة، انتهت
المرافقة عن بوَّابــة المدرسة.
- وإن حاولتم الجلوس إليه تجدون غيركم قد
سبقكم إليه واتخذه قدوة ومثلاً.
- وإن ... وإن ...
أمام
هذا الوضع، تجدون أنفسكم تبنون، وغيركم يهدم، كما قال الشاعر:
مَـتى يَبـلغُ البــنيانُ يـوما تَـمامُــه *** إِذا كُـنتَ تَبــنيـهِ
وَغـيرُكَ يَـــهــدِمُ
وفي الأبناء
أمام هذا التسونامي العنيف يصدق فيهم قول الشاعر:
أَلْـقاه
في الـيمِّ مكـتوفًا وَقَال لَـه **** إِيَّــاكَ إِيَّــاك أَن تَــبْــــتَـلَّ
بِـــالـمَــــاء
ختاما، أمام هذا الوضع الذي عمَّت بلواه، وقصُرت دون
ردِّه الجهود، أوصيكم أبنائي الأعزاء:
- بالدعاء الخالص. "الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات
والأرض".
- المرافقة الدائمة. "لاعب ابنك سبعا، وأدِّبه سبعا، ورافقه
سبع".
- الحوار المفتوح جدًّا. ﴿قَالَ يَـا بُنَيَّ إِنِّيَ أَرَى فِي الـمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَـا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُومَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَابِرينَ﴾
وللحديث بقية إن شاء الله.
بقلم:
يوسف بن يحي الواهج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق