الحمار

فهالني
منظره، وآلمني وضعه، فترادفَ أمام ناظريَّ شريطَ تاريخِ وذكرياتِ الحمار ابتداءً
من أيَّامِ صبايَ، يومَ كنت وأترابي نلاعبهُ بعنفٍ، ونركبه بغلظةٍ، ونقسوا عليه
بالوخز والضرب المبرِّح في كثير من الأحيان.
إلى تلك
المناظر التي يحمَّل فيها الحمار مختلفَ المواد والأغراض، من رملٍ وأحجار، وقمامات
وفضلات المراحيض القديمة وغيرها.
إلى الدور
الكبير الذي قام به في الحدائق والبساتين عند شفط المياه من الآبار العميقة،
لسقيها وإعمارها وإخضارها، ولا نبالغُ إن قلنا أن الفضل الأكبر في تراكم الثروة
الخضراء بالوادي، وتوفير الأمن الغذائي للمواطن الصحراوي يعود إلى هذا الكائن
الجميل "الحمار".
وانتهاء بالأدوار
العظيمة، البطولية الكبيرة التي قام بها خلال الثورات الشعبية المقاوِمة للاستعمار
الفرنسيِّ الغاشم، وخلال الثورة التحريرية التي انتهت بالاستقلال، وذلك بالخدمات
الجليلة المتمثِّلة في نقل المقاومين والجنود، ومؤونتهم، وأسلحتهم، وسائر
احتياجاتهم.
فإن لم نستطع
أن نستغني عن الحمار وخدماته، فلنرحمه ونشفق عليه، ونكرمه في إطعامه، وإيوائه،
ونمتنع ونمنع الأطفال عن ظلمه وتعذيبه. "إرحموا من الأرض يرحمكم من في
السماء".
بقلم: يوسف بن يحي الواهج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق