الاثنين، 24 يوليو 2017

شؤون إجتماعية: أَطَّالب.

أَطَّالَبْ

    ليس المقصود هنا بكلمة: أَطَّالَبْ، ذلك الشاب الذي يحمل محفظة ونسمِّيه الآن: الطالب، أو الطلَبة، او الطلاَّب.
    بل أَطَّالب، هو ذلك الرجلُ الوقور، بلباسه الأبيض الجميل، النظيف، وبلحيته الجميلة، سوداء كانت أو بيضاء، يحترمه الناسُ في الشوارع، ويفسحون له في المجالس، ويكرمونه في الولائم، ويخصُّونه بالهدايا والاكراميات.
    وهو عضو في حلقة العزَّابة، يحفظ كتاب الله تعالى، ويتمتَّع بنصيبٍ وافرٍ من العلم، والفقه، والأدب، وله رصيد وافر من المحفوظات الأدبية، والمتون اللغوية والدينية، و...

    كانت مهمَّته الأولى قديما، تحفيظَ الصغار كتاب الله تعالى، والأحاديث النبويَّة الشريفة، والمتون الفقهية، والنحوية، والأذكار، والأدعية وما إلى ذلك، في كتَّاب البلدة المحضرة لَمْحَضْرَتْ.

    ومن مهامِّه أيضا، الاشراف على الاحتفالات والتكريمات الخاصَّة بالناجحين من طلبة الكتَّاب، ختمًا للقرآن الكريم، أو حفظا له، أو استظهارا لمقرَّر الأحاديث النبويَّة، أو المتون الطويلة المختلفة؛ إضافة إلى الاشراف على المناسبات الاجتماعية العرفية، كمجالس التلاوة الجماعية للقرآن الكريم، التي تنعقد في مقابر البلدة، في مواقيت معيَّنة من كلِّ سنة.
    وقد كان في البلدة الواحدة من بلدات مزاب، أَطَّالب واحدٌ، أمَّ اليوم أمام توسُّع العمران، والنموِّ الدمغرافي السريع، تعدَّدت الكتَّاب لَمْحَاضَرْ، وارتقت إلى مدارس قرآنية عصرية، أصبحَ في كلِّ بلدة أكثر من طالبٍ، وقد يُعدُّون بالعشرات.
    وبما أنَّ أَطَّالَبْ هذا، معلِّمُ صبيان في أساسِ مهامِّه، تكونُ له في أغلب الأحيان نُكَتا ونوادر مع الطلبة، صغارا وكبارا، تصدرُ من الأطفال نحو معلِّمهم أَطَّالَبْ، لمواجهة صرامته، أو عفوية طفولية بريئة، أو تصدر من المعلِّم أَطَّالَبْ نفسهِ لمواجهة شغب الأطفال ومشاكساتهم.
    أمَّا الصورة النمطية التي يحملها الأطفال جميعا عن معلِّمهم، فهي الكرم الذي يحمله لهم رغم صرامته، فيوزِّع عليهم قطعا من الحلوى، أو يقسِّم بينهم قرصَ خبزٍ طَرضُونْتْ بالعدل؛ حتَّى أنَّ أحدهم قسَّم قرصَ خبز على ستَّة وأربعين جزءا، عددِ تلاميذه. كما قصَّ عليَّ أحدهم.
    ختاما، لهذه الشخصية المحترمة، والمتميِّزة في المجتمع المزابي ذكريات رائعة، وحكايات طريفة، ونوادر مضحكة، قد أفردُ لها فصولا خاصَّة في المستقبل إن شاء الله.


بقلم: يوسف بن يحي الواهج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق