السبت، 16 مايو 2015

يريدون قتل البسملة

يريدون قتل البسملة


    وصلت إليَّ مؤخَّرا مطويَّتان، وقبلهما الكثير من المطويَّات والمراسلات، تضمُّ بين طيَّاتها مواضيع دينيَّة مهمَّة، أو فكرية راقية، أو اجتماعية صالحة، وبعضها علمية حديثة، وكلُّها أو أغلبها مدعَّمة بآيات قرآنية من الذكر الحكيم، وأحاديث نبوية شريفة، وأقوال مأثورة، وحِكَمٍ بليغة.



    غير أنّها تشترك كلُّها في ميزة واحدة، وهي خلوُّها التامُّ من الآية الكريمة، البسملة: ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾؛ وهذه الميزة المشتركة بين هذه الوثائق، هي التي لفتت نظري ودعتني إلى كتابة هذه الأسطر والفقرات.
    وفي كلِّ مرَّة أبحث عن عذر لمن يكتبُ ما يكتبُ مستغنيا عن البسملة، فلم أجد إلاَّ قولهم أنَّهم يتخوَّفون أن تُرمى الوثيقة في مكان مَّا لا يليق بالآية الكريمة، كالقمامة مثلا.
    ولكن عندما تقرأ النصَّ الذي يلي البسملة كاملا، تجد فيه العديد من الآيات القرآنية، وكأنَّ البسملة ليست من القرآن.
    أو ليست في مقام ومكانة الآيات الأخرى منه؟؟.
    ألا يُحسبُ من يفعل هذا من الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿يُؤْمِنُونَ بِبَعضِ الكِتَابِ وَيَكْفُرُونَ بِبَعضٍ﴾؟؟.


    كما تجدُ أيضا في النصِّ بعض الأدعية والجمل القصيرة، كقولهم: بحول الله، أو إن شاء الله، أو حفظكم الله، تحمل لفظ الجلالة؛ ومثلها الأسماء التي تحمل اسم الجلالة، أو اسما من أسماء الله الحسنى، مثل: عبد الله، وعبد الرحمان، وعبد الرحيم، ... و....

    أليس لاسم الجلالة وأسماء الله الحسنى القداسة نفسها التي تضمُّها الآيات القرآنية في عمومها؟؟.
    فما أعجب أمر هؤلاء في تعاملهم مع البسملة، التي نحفظ عنها عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:  -"كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ باسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر"-. فيتركونها متناسين قول الله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾، يتركونها مخافة أن يهينها مسلم كُتبتْ له، أو أُرسلتْ إليه، وقد أمر الشرع جميع المسلمين باحترام كلِّ القرآن وتقديسه.
    فمن ضيَّع أو أهان البسملة وغيرها من كلام الله تعالى، وزرُه عليه يقعُ وحده، ولا يقع على الكاتب، بل ينال الكاتبَ أجر كتابتها، ولا يناله شيء من وزرِ من ضيَّعها.
    ألم يقل الله تعالى: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾؟؟.

    وبهذا المنطقِ علينا أن نتخلَّى عن كتابة كلِّ آيِ القرآن الكريم، وأيَّ اسمٍ يحمل اسم الجلالة، أو أسماء الله الحسنى، في أيِّ ورقةٍ، أو مطويَّة، أو جريدة، أو مجلَّة، أو كتاب؛ وقد يأتي زمنٌ لا قدَّر الله تُمنع فيه حتَّى المصاحف من التداول، مخافة إهانتها وتضييعها، مع العلم أنَّ الإهانة قد نال المصاحف والكتب بأنواعها، بأشكالٍ مختلفة، وفي أكثر من مكان وبلاد، إسلامية وغير إسلامية، بأيدٍ مسلمة وغير مسلمة.

    أيُّها المسلمون: ألم يعلِّمنا الله تعالى كيف نتكاتب ونتراسل ونفتتح كتاباتنا من كتاب سيِّدنا سليمان عليه السلام وهو النبي الكريم، إلى الملكة بلقيس وهي لم تدخل الاسلام بعد، وقد افتتحه عليه السلام بالسملة، ﴿إنَّه مِنْ سُلَيمَانَ وَإِنَّه بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.
    ألا يكفي هذا لنتعلَّم كيف نتراسل ونتكاتب؟؟.

اللهمَّ أرِنا الحقَّ حقًّا


بقلم: يوسف بن يحي الواهج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق