ما بعد
العولمة
بعد العصرنة الكاذبة.
وبعد التأقلم المزيَّف.
وبعد العولمة الجامحة.
وبعد الاندماج الطاغي.
وتزايد حملات الابادة الجماعية للأقلِّيات.
وتكالب أعداء الحضارة على المعالم التراثية
العالمية.
أخاف أن يأتي يومٌ نشهد عالمـــَــــا يضمُّ
شعبا، أو أمَّة، أو قوما، أو بشرا ذائبا، في شخصية واحدة موحَّدة، أُريدَ لها أَلا
تحمل خصوصيات دين، أو تاريخ، أو حضارة، أو لغة، أو عادات، أو تقاليد، أو قيَم، أو
مثُل، أو لباس، أو .. أو ...
وإنَّني أرى والله إرهاصات هذا اليوم المشؤوم
تتجلَّى يوما بعد يوم، ونحن نشهدها بأمِّ أعيننا في ما تعرضه الوسائل الاعلامية
المختلفة، من قنوات فضائية وإذاعية، وجرائد ومجلاَّت، ومواقع معلوماتية عنكبوتية،
وأسواق التواصل الاجتماعي.
من ذلك على سبيل المثال، لا الحصر:
-
الهنود الحمر، السكان الأصليون لأمريكا.
-
الأمازيغ، السكان الأصليون لشمال أفريقيا.
-
القومية الكردية، بالمشرق العربي.
-
المسلمون بدول البلقان.
-
المسلمون بمينامار.
-
أقلَّية التوتسي برواندا.
-
الشعب الفلسطيني، بين مخالب إسرائيل.
-
الحضارة الاسلامية، بمعاول منظَّمة داعش.
-
الحضاة البوذية بمزنجرات طالبان بأفغانستان.
إلى غير ذلك من الأجناس والقوميات
والأقلِّيات البشرية عبر العالم، شماله وجنوبه، وشرقه وغربه.
وأقرب وأحدث وأوجع مشهد أعيشه هذه الأيام،
وما قبلها من شهور وسنوات قليلة، ما تعيشه الحضارة المزابية الموغلة في القِدم من
هجوم شرس، على جبهات عديدة، ومن زوايا مختلفة، ومن أطراف لا يعلمها إلاَّ الله
تعالى.
لهذا أقترح على الأمم والشعوب والقبائل
والأقليات، أن تستعدَّ لهذا اليوم الذي ستجد فيه البقية الباقية (إن بقيت) من
أبنائها وأحفادها وبناتها، دون هويَّة، أو تاريخ، أو حضارة، أو لغة، تحفظ لها
شخصيتها وذكرها في هذا العالم. أن تتخذ لنفسها نماذج مادِّية وغير مادِّية من
شخصيتها وثوابتها وتراثها.
فعلى الميزابيين مثلا أن تحتفظ فيهم كلَّ
أسرة على أطقم كاملة للباسها التقليدي، رجاليا كان أو نسائيا، وعلى نسخ من تراثها
غير المادِّي، كالحكايات التاريخية، والأراجيز التراثية، وخصائص مطبخهم وحليِّهم
وكل ما يتعلَّق بشخصيتهم وثوابتهم.
وكذلك الأمر بالنسبة لمختلف الشعوب والقبائل
والقوميات والأقليات.
بل قد يتعدَّى الأمر إلى الرايات والأناشيد
الوطنية لمختلف الدول على كوكب الأرض، فقد يأتي يوم وتغزو الأمم كواكب الفضاء،
فتصبح الكرة الأرضية دولة واحدة بعلَم واحد ونشيد وطني واحد وشعب واحد، تلتهم كل
الدول الحالية؛ ويصبح في القمر دولة أخرى واحدة، وأخرى في المريخ، و.... و....
والله أعلم.
بقلم: يوسف بن يحي الواهج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق