الجمعة، 1 يونيو 2012

آخر ما نظم الدكتور عمر النامي (رحمه الله)


في هذه الأيام، وأثناء تفحُّصي لأرشيف أوراقي وجدت ضمنها قصيدة للفقيد الشاعر الدكتور: عمر خليفة النامي، تعود إلى السنوات الأولى من ثمانينات القرن الماضي أَهدَى إليَّ نسخة منها الشيخ: الحبيب بن تخياط حفظه الله، وقال إنها آخر ما نظم الدكتور عمر النامي في تلك الفترة، وهو قابع أثناءها في غياهب السجون الليبية.
ويسعدني اليوم أن أضع بين يدي قراء الموقع من الطلبة والباحثين هذه القصيدة هدية متواضعة بمناسبة بداية السنة الدراسية زادنا الله فيها علما نافعا إن شاء الله.
يوسف بن يحي الواهج


يا رسول الله



علوتَ فليـس يدركــك الثنــاء

فأنت النـور  يسطـعُ و الضيـــاء
وأنت الشمس ليس لهـا   حجــاب

وأنت البدر ليس بـــه خفـــاء
وأنت المصطـفى يجلـوك فيـــض

من الأنــوار جللــه السنـــاء
تباهـي  الأرض أن آوتـك فخــرا

وتغبطهـا لموضعــك السمـــاء
أهُمّ بمدح شخصـك يــا حبيبــا

فيمنعــني جلالــك والبهـــاء
وحسبك مِدْحَـةً  قـرآن  ربـــي

ومـا اجتمعـت عليـه الأنبيـــاء

*****

رسول  الله لسـت بـذي بيـــان

فليـس لمـا أكابــده غنــــاء
جلالـك معجـزٌ وأنـا  عيِـــيٌّ

وإن حاولتُ  يصرفنــي الحيـــاء
أُحَـوِّمُ حـول ذاك  جهــــدي

فيَبْهَرُنِــي بروعتـه  الضيــــاء
فإن تـأذن بفيـض منـك نحــوِي

فأشرع في  مديحـك ما أشــــاء
وأَبلُغ منـه  مـا أرجـو وتأتـــي

روائـع فيـك يُبْدِعـها  الوفـــاء
ويُظهر حسنَـها حـبٌّ وشـــوق

وتجلـوهـا المهابـة والوضــــاء
وينشر عطرها  في الكـون حـــادٍ

لـه في كـل  نـاحيـة  دعـــاء
بحبِّك يـا حبيـب الله يشــــدو

فتهتـزّ الكواكــب  والسمـــاء
وتنتفـض البسيطـة في  هيــــام

وإجـلال ويحتلــج الفضــــاء

*****

أتـأذن يــا رسـول الله إنِّـــي

بباب الشـوق  يحـدوني رجـــاء
أسلِّـم هائبــا أعــود صبًّـــا

وللأشـواق  بالــروح انتشـــاء
تـأجـج لا يكــف لهـــا أُوَارٌ

ونار الشـوق يطفئهــا اللقـــاء
ونـورك ماثـل للقلـب إمــــا

دعـا شـوقٌ  وجـدَّ به النـــداء
أتأذن يــا رسـول الله إنــــي

أضـرَّ بِـيَ التوجـع  و البـــكاء
وحيد ليس يؤنسنــي  رفيــــق

وما جهدي وقـد حـكم القضــاء
أهيـم صبابـة وأذوب شوقــــا

ومدحـك للمحبــين الشفـــاء
فإن تـأذنْ بفيـض منـك نحــوي

ومـن كفيـك  يلتمـس  العطــاء
أكـن مـن آل فضـلك لا أبالــي

أنـاخ علـي ضيـق  أم رخـــاء

*****

أهـلَّ جـلالُ نـورك في ربيـــعٍ

بمكـة واستفـاض بهـا الضيـــاء
فقرَّت  عـين  شيبـة بعـد حــزن

لفقـد أبيـك إذ فيـك  العـــزاء
وأعلى  مـن مقامـك بـين أهــل

وأولاد فكـان  لـك  العــــلاء
وسدت على بنـي سعـد  رضيعــا

فأنت لهم -وقـد سغبـوا- رخــاء
وبيـن بيوتهـم  وافـاك  رهـــط

مـن الأمـلاك لمستهـم شفـــاء
أزالـوا عـن فـؤادك  كل  ســوء

وحـل الطهـرُ قلبَـك والنقـــاء
رجعت لحضن أمك  بعـد حيـــن

لتـؤنسهـا فمـا طـال اللقـــاء
رضعت اليتمَ عضـا  واستمـــرت

عليـك شدائـد  فيهـا  ابتـــلاء
ولم يُكتـب لجدك  -وهـو بـــر

بشخصك كي  يواسيـك- البقــاء
أراك الله فيهـم  مـن قريــــب

بـأن العيـش غايتـه  الفنــــاء
وكـلٌّ للتـراب وليـس  يغنـــي

لـدى المـوت المـودة والفـــداء
قضى جـدٌّ فقـام عليـك عـــمٌّ

حفــيٌّ في مبــرتـه الغنـــاء
يحوطـك ولا يقصـر وهو أهـــل

لـذاك الفضـل وهو لـه كفـــاء
وكنت رفيقـه في  السعي  حينـــا

وعونـا حيـن أرهقـه الشقـــاء
كفلت له "عليـا"  حيـن عضــت

ظروف  العيـش واشتـد العنـــاء
وكنـت بهاشـم بـرًّا  وكانـــوا

بأمـرك في الشدائــد أحفيـــاء

*****

درجـت  في أرض مكـة في نقــاء

سـما طهـرا شبابُـك والفَتَـــاء
وخصَّك من خديجة  كـلَّ خيـــر

غَنَـاؤك  والمــودة  والرفــــاء
تـرب بنيـك في  دأب  وتعنـــي

بشأنك حين وافـــك النـــداء
تلـم بدارهـا  فتعيـش  فيضـــا

من الأشـواق ليـس لـه انقضــاء
ولم تأنس بقومك  حيـن  ضلُّـــوا

فآنسـك  التعبُّــد والخــــلاء
تحـنُّ إلى الحقيقــة في هيــــام

ويشركـك الهيـام بهــا  "حِـرَاءُ"
تبيـت بخلـوة في الغـار تدعـــو

وعنـد الله شوقـك والدعــــاء
فعنـد الأربعيـن جـلاك  نـــور

من الرحمـن وانكشـف الغطـــاء
وفاض الوحي حولك  واستفاضــت

هدايتـه  وتــم  الاصطفــــاء
وكنت بشارة  في  الوحـي قبـــلا

فتمـت  واستقـام بـك البنـــاء
وكان من النبـوة فيـض شـــوق

إليـك ففـزت وانتظـم اللقـــاء
قرأت -ولم تكن من قبـل  تــدري

كتابا خُطَّ- حيـن أتـى النـــداء
ولقَّنك  الأميـن الوحـي صرفـــا

لتتلو  مـا حبتـك بـه السمـــاء
أتيـت  النـاس بالقـرآن نـــورا

وفي آياتــه لهــم  الشفــــاء
صدعت به فثاب  إليـك  رهـــط

وكذَّبـك الطغـاة  الأشقيــــاء
صبرت على الذي  عنـاك منهـــم

وآزرك التقـــاة  الأصفيــــاء
فما وهنوا وما  ضعفـوا وكانـــوا

أبـاة لا يـزعـزعهـم بــــلاء
وكنـت لهـم مـن الأهــوال ردءا

وعنـد الله عـزمـك  والمضـــاء
عتت عن أمر خالقهـا  وصـــدَّت

قريـش واستبـدَّ بهـا الجفــــاء
وكنت على  هدايتهـم  حريصـــا

ولـجَّ بهـم عنــاد وافتــــراء
مضيت على  سبيـلك في ثبـــات

ولم  تأبه بمـا مكـروا  وجـــاءوا
وإن يك بعض أهـلك  ذو عنـــاد

ففيهــم رأفـة  ولهــــم  ولاء
وكنـت بهاشـم بـرا  وكانـــوا

بأمـرك في الشـدائـد أحفيـــاء
فما تركوك رهن  الشعـب  نهبـــا

لقومـك واستبـان لهـم  وفـــاء
وأنت بحفـظ ربـك في أمــــان

يحوطـك مـن عنايتـه وقــــاء
وعام الحزن جـاءك مـن فيـــض

من الرحمـات ليس لـه انقضـــاء
فكـان  لليلـة  الإسـراء أنـــس

ومعـراج بشخصـك  وارتقـــاء
تعايـن  مـن كبـار الآي أمـــرا

تضيق بوصفه  الصحـف  المـــلاء







الفقيد: عمر خليفة النامي



هناك تعليقان (2):

  1. يبدو أنه عليك أيضا أن تكتب جيدا أسماء علمائك الإباضيين: عمرو خليفة النامي، وليس عمر النامي

    ردحذف
  2. شكرا على التنبيه، سأفعل إن شاء الله.

    ردحذف